الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( فصل وللأم أربعة أحوال ) ثلاثة يختلف فيها ميراث الأم باختلافها . وأما الرابع فعلى المذهب إنما يظهر تأثيره في عصبتها ( فمع ولد أو ولد ابن ) وإن نزل لها سدس . لقوله تعالى { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } وولد الولد يصدق عليه ولد حقيقة أو مجازا ( أو ) أي : ومع ( اثنين من الإخوة والأخوات ) والخناثى منهم ( كاملي الحرية لها ) أي : الأم ( سدس ) لقوله تعالى { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } وقال ابن عباس لعثمان : ليس الأخوات إخوة في لسان قومك . فلم تحجب بهما الأم ؟ فقال : لا أستطيع أن أرد شيئا كان قبلي ومضى في البلدان وتوارث الناس به " وهذا من عثمان يدل على اجتماع الناس على ذلك قبل مخالفة ابن عباس .

                                                                          قال الزمخشري لفظ " الإخوة " هنا يتناول الأخوين ; لأن المقصود الجمعية المطلقة من غير كمية . وأشار إلى الحال الثاني بقوله .

                                                                          ( و ) للأم ( مع عدمهم ) أي : الولد وولد الابن والاثنين من الإخوة أو الأخوات ( ثلث ) بلا خلاف نعلمه . قال في المغني : لقوله تعالى { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } والحال الثالث ذكره بقوله ( وفي أبوين وزوج أو زوجة لها ) أي : الأم ( ثلث [ ص: 508 ] الباقي بعد فرضيهما ) أي : الزوجين نصا ; لأنهما استويا في السبب المدلى به وهو الولادة . وامتاز الأب بالتعصيب بخلاف الجد ، وتسميان بالغراوين لشهرتهما ، أو بالعمريتين لقضاء عمر فيهما بذلك وتبعه عليه عثمان وزيد بن ثابت وابن مسعود ، وروي عن علي ، وهو قول جمهور العلماء . وقال ابن عباس : لها الثلث كاملا لظاهر الآية . والحجة معه لولا انعقاد الإجماع من الصحابة على خلافه . ولأن الفريضة إذا جمعت أبوين وذا فرض كان للأم ثلث الباقي كما لو كان معهم بنت . .

                                                                          ( و ) الحال ( الرابع إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا أو ) لكونها ( ادعته ) أي : ادعت أنه ولدها ( وألحق ) بالبناء للمجهول ( بها أو ) لكونه ( منفيا بلعان فإنه ينقطع تعصيبه ) أي : الولد ( ممن نفاه ) بلعانه ( ونحوه ) كجحد زوج المقرة به ( فلا يرثه ) من نفاه ولا من جحده ( ولا ) يرثه ( أحد من عصبته ) ; لأنه لم ينسب إليه ولا إلى الزاني ( ولو ) كان التعصيب ( بأخوة من أب إذا ولدت توأمين ) من زنا أو نفيا بلعان . فإذا مات أحدهما لم يرثه الآخر بأخوته لأبويه . ; لأنه لم يثبت لواحد منهما نسب أبوة ( وترث أمه ) أي : أم من لا أب له منه فرضها .

                                                                          ( و ) يرث ( ذو فرض منه فرضه ) كغيره . لأن كونه لا أب له لا تأثير له في منع ذي الفرض من فرضه منه ( وعصبته ) أي : من لا أب له شرعا ( بعد ذكور ولده وإن نزل ) من ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه وإن نزل وهكذا ( عصبة أمه ) روي عن علي وابن عباس وابن عمر ، إلا أن عليا يجعل ذا السهم من ذوي الأرحام أحق ممن لا سهم له . لحديث { ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر } متفق عليه . وقد انقطعت العصوبة من جهة الأب . فبقي أولى الرجال به أقارب أمه فيكون ميراثه بعد أخذ ذي الفرض فرضه لهم . وعن عمر " أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه " .

                                                                          وفي حديث سهل بن سعد في المتلاعنين { فجرت السنة أنه يرثها وأنها ترث منه ما فرض الله لها } متفق عليه . ومفهومه أنها لا ترث منه أكثر من فرضها . فيبقى الباقي لذوي قرابته وهم عصبتها . فإن كانت أمه مولاة فما بقي لمولاها . فإن لم يكن لها عصبة ولا مولى فلها الثلث فرضا والباقي ردا ( في إرث ) لا في نكاح ، فلا يزوجونه ولا في ولاية ماله . فلا ولاية لهم عليه ، سواء كان ذكرا أو أنثى ولا يعقلون عنه ، كما لو علم أبوه . ولا يلزم من التعصيب في الميراث التعصيب في غيره كالأخوات مع البنات . وعنه أن أمه عصبته . فإن لم تكن فعصبتها [ ص: 509 ] وهو قول ابن مسعود . .

                                                                          وروي عن علي نحوه ( فأم وخال ) لمن مات ولا أب له : للأم الثلث و ( له ) أي : الخال ( الباقي ) ; لأنه عصبة أمه .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية