الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ما تقدم أمارة على كراهتهم لما نسبوه إلى الله (تعالى)؛ أتبعه التصريح بعد التلويح؛ بقوله (تعالى): ويجعلون لله ؛ أي: وهو الملك الأعظم؛ ما يكرهون ؛ أي: لأنفسهم؛ من البنات؛ والأموال؛ والشركاء في الرئاسة؛ ومن الاستخفاف برسلهم؛ وجنودهم؛ والتهاون برسالاتهم؛ ثم وصف جراءتهم مع ذلك؛ الكائنة في محل الخوف؛ المقتضية لعدم التأمل اللازم لعدم العقل؛ فقال: وتصف ؛ أي: تقول معتقدة مع القول الصفاء؛ ولما كان قولا لا حقيقة له بوجه؛ أسنده إلى اللسان؛ فقال: ألسنتهم ؛ أي: مع ذلك؛ مع أنه قول لا ينبغي أن يتخيله عاقل؛ الكذب ؛ ثم بينه بقوله: أن لهم الحسنى ؛ أي: عنده؛ ولا جهل أعظم؛ ولا حكم أسوأ من أن تقطع بأن من تجعل له ما تكره يجعل لك ما تحب؛ فكأنه قيل: فما لهم [ ص: 189 ] عنده؟ فقيل: لا جرم ؛ أي: لا ظن؛ ولا تردد في أن لهم النار ؛ التي هي جزاء الظالمين؛ وأنهم مفرطون ؛ أي: مقدمون؛ معجلون إليها؛ بتقديم من يسوقهم وإعجاله لهم; وقال الرماني: متروكون فيها؛ من قول العرب: "ما أفرطت ورائي أحدا"؛ أي: ما خلفت؛ ولا تركت؛ وقرأ نافع بالتخفيف والكسر؛ أي: مبالغون في الإسراف؛ والجراءة على الله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية