الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " سواء منكم " قال ابن الأنباري : ناب " سواء " عن مستو ، والمعنى : مستو منكم " من أسر القول " أي : أخفاه وكتمه " ومن جهر به " أعلنه وأظهره ، والمعنى : أن السر والجهر سواء عنده .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار " فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : أن المستخفي : هو المستتر المتواري في ظلمة الليل ، والسارب بالنهار : الظاهر المتصرف في حوائجه . يقال : سربت الإبل تسرب : إذا مضت في الأرض ظاهرة ، وأنشدوا :


                                                                                                                                                                                                                                      أرى كل قوم قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 310 ] أي : ذاهب . ومعنى الكلام : أن الظاهر والخفي عنده سواء ، هذا قول الأكثرين . وروى العوفي عن ابن عباس : " ومن هو مستخف " قال : صاحب ريبة بالليل ، فإذا خرج بالنهار ، أرى الناس أنه بريء من الإثم .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن المستخفي بالليل : الظاهر ، والسارب بالنهار : المستتر ، يقال : انسرب الوحش : إذا دخل في كناسه ، وهذا قول الأخفش ، وذكره قطرب أيضا ، واحتج له ابن جرير بقولهم : خفيت الشيء : إذا أظهرته ، ومنه أكاد أخفيها [طه :15] بفتح الألف ، أي : أظهرها ، قال : وإنما قيل للمتواري : سارب ، لأنه صار في السرب مستخفيا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية