الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 17 ] قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق أي في العدو والرمي بالنصل وتركنا يوسف [ ص: 3519 ] عند متاعنا أي ما يتمتع به من الثياب والأزواد وغيرهما ليحفظه فأكله الذئب أي كما حذرت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه. يقولون: ونحن نعلم أنك لا تصدقنا في هذه الحالة، ولو كنا عندك صادقين، فكيف وأنت تتهمنا، وغير واثق بقولنا؟!.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد استفيد من الآية أحكام:

                                                                                                                                                                                                                                      منها: أن بكاء المرء لا يدل على صدقه; لاحتمال أن يكون تصنعا -نقله ابن العربي-.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: مشروعية المسابقة، وفيه من الطب رياضة النفس والدواب، وتمرين الأعضاء على التصرف -كذا في (الإكليل)-.

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض اليمانين: اللعب إن كان بين الصغار جاز بما لا مفسدة فيه، ولا تشبه بالفسقة، وأما بين الكبار، ففيه ثلاثة أقسام:

                                                                                                                                                                                                                                      الأول: أن يكون في معنى القمار، فلا يجوز.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أن لا يكون في معناه، وفيه استعانة وحث على القوة والجهاد، كالمناضلة بالقسي، والمسابقة على الخيل، فذلك جائز وفاقا.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أن لا يكون فيه عوض كالمصارعة ونحوها. ففي ذلك قولان للشافعية: رجح الجواز، إن كان بغير عوض، أو بعوض يكون دفعه على سبيل الرضا ; لأنه صلى الله عليه وسلم صارع يزيد بن ركانة.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي أن عائشة قالت: سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، فسبقته في المرة الأولى، فلما بدنت سبقني وقال: « هذه بتلك » .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحديث: « ليس من اللهو ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه بقوسه » . انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية