الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [29] ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك أي : لا تمسك يدك عن النفقة والعطية لمن له حق ممن تقدم ، بمنزلة المشدودة يده إلى عنقه ، الذي لا يقدر على الأخذ بها والإعطاء : ولا تبسطها كل البسط أي : بالتبذير والسرف . قال ابن كثير : أي : لا تسرف في الإنفاق ، فتعطي غير طاقتك وتخرج أكثر من دخلك : فتقعد أي : فتبقى : ملوما يلومك الفقراء والقرابة : محسورا أي : نادما ، من ( الحسرة ) أو منقطعا بك لا شيء عندك ، من ( حسره السفر ) إذا بلغ منه الجهد وأثر فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي النهيين استعارتان تمثيليتان شبه في الأولى فعل الشحيح في منعه ، بمن يده مغلولة لعنقه ، بحيث لا يقدر على مدها .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الثانية شبه السرف ببسط الكف بحيث لا تحفظ شيئا . وهو ظاهر . وجعل ابن كثير قوله تعالى : فتقعد ملوما محسورا من باب اللف والنشر المرتب . قال : أي : فتقعد ، إن بخلت ، ملوما يلومك الناس ويذمونك ، ويستغنون عنك ، كما قال زهير في المعلقة :


                                                                                                                                                                                                                                      ومن كان ذا مال فيبخل بماله على قومه يستغن عنه ويذمم



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3924 ] ومتى بسطت يدك فوق طاقتك ، قعدت بلا شيء تنفقه ، فتكون كالحسير ، وهي الدابة التي عجزت عن السير ، فوقفت ضعفا وعجزا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية