الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 3714 ] العبرة في القصة

                                                          قال تعالى:

                                                          تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين

                                                          * * *

                                                          الإشارة إلى القصص الحكيم من قصة نوح عليه السلام، وهي أنباء عظيمة، أي: أخبار ذات شأن وخطر، وقوله تعالى: ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا لأنهم كانوا أميين ليس عندهم من يدرس، ولا عندهم كتب تكتب، ولم يكونوا أهل كتاب نزل فيها كالتوراة والإنجيل يعلمون علم النبوات منه قبل هذا، وقد علمت ما في هذه الأنباء من عبر وكيف جاهد نوح في الدعوة إلى الله، وكيف عانده قومه وكيف عابوا دعوته كما عاب قومك دعوتك، وأن الذين ابتدءوا بالاستجابة هم الضعفاء من عبيد وفقراء، وكيف كانت آية الله بالفلك المشحون، وانهمار الماء من السماء، وتفجير الأرض عيونا، حتى كان الغرق وسارت السفينة في موج كالجبال وكذلك كان عاقبة المكذبين.

                                                          فاصبر إن العاقبة للمتقين (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، إذ ترتب على القصص الحق وما فيه من معاندة الكافرين ونزول آية الله فيهم بالإغراق - الأمر بالصبر حتى يرى آية الله في المشركين من قريش، وإنها آتية لا محالة، وإن كانت المجاهدة حتى صارت كلمة الله هي العليا. وفي قوله تعالى: العاقبة للمتقين إشارة إلى أن التقوى هي السبب في حسن العاقبة والنصر المبين لمن خاف واتقى والخزي لمن ضل وشقي.

                                                          وفي الآيات إشارة لأمرين:

                                                          الأمر الأول: الصبر وألا يأخذه ما هم عليه من مظاهر القوة والغرور. [ ص: 3715 ]

                                                          الأمر الثاني: ما في القرآن من إعجاز إذ يأتي من أخبار الغيب ما يجتاز مجاهل التاريخ حتى تتبين الحقيقة نيرة بينة يوافقها الصادق الباقي على صدقه مما جاء في التوراة.

                                                          * * *

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية