الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن فعل المحلوف عليه مكرها أو ناسيا فهو سواء ) ; لأن الفعل الحقيقي لا ينعدم بالإكراه وهو الشرط ، وكذا إذا فعله وهو مغمي عليه أو مجنون لتحقق الشرط حقيقة ، ولو كانت الحكمة رفع الذنب فالحكم يدار على دليله وهو الحنث لا على حقيقة الذنب ، والله تعالى أعلم بالصواب . .

التالي السابق


( قوله : ومن فعل المحلوف عليه مكرها أو ناسيا فهو سواء ) فتجب عليه الكفارة كما لو فعله ذاكرا ليمينه محتارا . وعن كل من الشافعي وأحمد روايتان يحنث ولا يحنث ، وهو الأصح عند الشافعي للحديث المذكور وقد مر جوابه في طلاق المكره من كتاب الطلاق ، وهذا ( لأن الفعل الحقيقي لا ينعدم بالإكراه وهو الشرط ) يعني بالشرط السبب لوجوب الكفارة ; لأن الحنث هو السبب عندنا ، وإنما يناسب حقيقة مذهب الشافعي ; لأن السبب عنده اليمين والحنث شرط على ما عرف . والحاصل أن الوجوب يثبت عنده سببا كان أو شرطا وبالنسيان والإكراه لم ينعدم وجوده فاستعقب وجوب الكفارة . ( وكذا إذا فعل المحلوف عليه وهو مغمى عليه أو مجنون ) تلزمه الكفارة [ ص: 66 ] فيخرجها عنه وليه أو هو إذا أفاق لما ذكرنا من تحقق الشرط : أي السبب حقيقة . وقوله : ولو كانت الحكمة في إيجاب الكفارة رفع الذنب جواب عن سؤال مقدر هو أن وجوب الكفارة لرفع الذنب الحاصل بالحنث ، ولا ذنب على الحانث إذا كان مغميا عليه أو مجنونا . فأجاب بأن الحكمة لا يجب حصولها مع شرع الحكم دائما بل تناط بمظنتها وهو كون شرع الحكم مع الوصف يحصل مصلحة أو يدفع ضررا ، كما في الاستبراء شرع وجوبه مع الملك المؤكد بالقبض يحصل معه دفع مفسدة اشتباه النسب فأدير على نفس الشراء مع القبض ، سواء كان ذلك الوهم حاصلا أو لا كما في شراء الأمة الصغيرة التي لم تبلغ حد البلوغ .

وأما قولهم كما في شراء الأمة البكر ومن المرأة فليس بصحيح ; لأن التوهم حاصل لجواز حبل البكر ومملوكة المرأة على أن كونها لرفع الذنب دائما ممنوع بل لتوفير تعظيم الاسم أن ينعقد على أمر ثم يحلف عنه مجانا للعلم بذلك في موضع يجب فيه الحنث أو يندب ، والله أعلم .




الخدمات العلمية