الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا لم يعرف المتبايعان ذلك فاسد لجهالة الأجل ) وهي مفضية إلى المنازعة في البيع لابتنائها على المماكسة [ ص: 453 ] إلا إذا كانا يعرفانه لكونه معلوما عندهما ، أو كان التأجيل إلى فطر النصارى بعدما شرعوا في صومهم ; لأن مدة صومهم معلومة بالأيام فلا جهالة فيه .

التالي السابق


( قوله والبيع إلى النيروز ) وهو يوم في طرف الربيع وأصله نوروز عرب ، وقد تكلم به عمر رضي الله عنه فقال : كل يوم لنا نوروز حين كان الكفار يبتهجون به . والمهرجان يوم في طرف الخريف معرب مهركان ، وقيل هما عيدان للمجوس ( وصوم النصارى وفطر اليهود إذا لم يعرف المتبايعان ذلك فاسد لجهالة الأجل ) وعرف بهذا التعليل أن المراد بالمؤجل هنا هو الثمن لا المبيع ; لأن [ ص: 453 ] مجرد تأجيل المبيع مفسد ، ولو كان إلى أجل معلوم فلا يناسب تعليل فساد تأجيل المبيع بجهالة الأجل .

وبقوله : ( إذا لم يعرف إلى آخره أن الفساد ) بالتأجيل إلى هذه بناء على عدم معرفة خصوص أوقاتها عند المسلمين . فلو كانا يعلمان ذلك صح . قيل : وتخصيصه اليهود بالفطر ظاهر في أن ابتداء صومهم كان غير معلوم . والحاصل أن المفسد الجهالة ، فإذا انتفت بالعلم بخصوص هذه الأوقات جاز . ولذا قال ( أو كان التأجيل إلى فطر النصارى بعدما شرعوا في صومهم ; لأن مدة صومهم بالأيام وهي معلومة ) وهي خمسة وخمسون يوما .

واعلم أن كون التأجيل في الثمن يصح إذا كان الأجل معلوما هو في الثمن الدين ، أما لو كان ثمنا عينا فيفسد البيع بالأجل فيه للمعنى الذي ذكرناه مفسدا لتأجيل البيع عند قوله ومن باع عينا على أن يسلمه إلى رأس الشهر . وقوله ( لابتنائها على المماكسة ) المماكسة : استنقاص الثمن ، والمكس والمكاس في معناه وهو موجود في البيع عادة وهو يوجب المنازعة ، فكانت المنازعة ثابتة في البيع لوجود موجبها في الجملة .

وعند جهالة وقت القبض يحصل أخرى على وجه يضر بالدين والنفس فلا يشرع العقد مع ذلك . وحقيقة هذا يصلح تعليلا لقولنا لا يحتمل البيع هذه الجهالة اليسيرة . بخلاف الكفالة




الخدمات العلمية