الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: ويجعلون لله ما يكرهون ؛ أي: يجعلون لله البنات اللاتي يكرهونهن.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ؛ "أن"؛ بدل من "الكذب"؛ المعنى: وتصف ألسنتهم أن لهم الحسنى؛ أي: يصفون أن لهم - مع فعلهم هذا القبيح - من الله - جل ثناؤه - الجزاء الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: لا جرم أن لهم النار ؛ "لا"؛ رد لقولهم؛ المعنى - والله أعلم -: ليس ذلك كما وصفوا؛ "جرم أن لهم النار"؛ المعنى: "جرم فعلهم هذا أن لهم النار"؛ أي: "كسب فعلهم أن لهم النار"؛ وقيل: إن "أن"؛ في موضع رفع؛ ذكر ذلك قطرب ؛ وقال: المعنى أن لهم النار.

                                                                                                                                                                                                                                        وأنهم مفرطون ؛ فيها أربعة أوجه: "مفرطون"؛ بإسكان الفاء؛ وفتح الراء؛ و"مفرطون"؛ بفتح الفاء؛ وتشديد الراء؛ وبفتحها؛ و"مفرطون"؛ بإسكان الفاء؛ وكسر الراء؛ و"مفرطون"؛ بفتح الفاء؛ وتشديد الراء؛ وكسرها؛ فأما تفسير "مفرطون"؛ و"مفرطون"؛ فجاء عن ابن عباس : "متروكون"؛ وقيل عنه: "معجلون".

                                                                                                                                                                                                                                        ومعنى "الفرط"؛ في اللغة: التقدم؛ و"قد فرط إلي منه قول"؛ أي: [ ص: 208 ] تقدم؛ فمعنى "مفرطون": مقدمون إلى النار؛ وكذلك "مفرطون"؛ ومن فسر: "متروكون"؛ فهو كذلك؛ أي: قد جعلوا مقدمين في العذاب أبدا؛ متروكين فيه؛ ومن قرأ: "مفرطون"؛ فالمعنى أنه وصف لهم بأنهم فرطوا في الدنيا؛ فلم يعملوا فيها للآخرة؛ وتصديق هذه القراءة قوله: أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ؛ ومن قرأ: "مفرطون"؛ فالمعنى على أنهم أفرطوا في معصية الله؛ كما تقول: "قد أفرط فلان في مكروهي"؛ وتأويله أنه آثر العجز؛ وقدمه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية