الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإنما يصح طلاق المسلم المكلف ، [ ص: 44 ] ولو سكر حراما ، وهل إلا أن يميز ، أو مطلقا ؟ تردد

التالي السابق


( وإنما يصح طلاق المسلم ) فلا يصح من كافر لكافرة إلا أن يتحاكما إلينا فيجري فيه قوله المتقدم ، وفي لزوم الثلاث لذمي طلقها وترافعا إلينا إلخ ولا لمسلمة طلقها زوجها الكافر بعد إسلامها ثلاثا ثم أسلم في عدتها فهو أحق بها . في المدونة إذا أسلمت النصرانية وزوجها نصراني ثم طلقها في العدة ثم أسلم فيها فلا يعد طلاقه طلاقا ، ويكون على نكاحه وإن انقضت عدتها فنكحها بعدها جاز وبطل طلاقه في شركه . اللخمي أراد إن تركت حقها في الطلاق فإن قامت به يمنع من رجعتها لأن فيه حقا لله تعالى وحقا لها نقله ابن عرفة ( المكلف ) بضم الميم وفتح الكاف واللام أي الملزم بما فيه كلفة لبلوغه وعقله ، فلا يصح من مجنون ولو غير مطبق طلاق حال جنونه ، ولا من صبي ولو مراهقا ، ووقوعه عليه إن ارتد بحكم الشارع لا أنه هو الموقع له ، وهذا إن طلق زوجته . وأما الوكيل والفضولي فلا يشترط فيهما إسلام ولا ذكورة ولا تكليف ، ويشترط فيهما التمييز لأن الموقع حقيقة الزوج الموكل والمجيز . [ ص: 44 ] ويصح طلاق المسلم المكلف إن لم يسكر بل ( ولو سكر ) سكرا ( حراما ) بأن استعمله عالما بتغييبه عقله أو شاكا فيه ، سواء كان مما يسكر جنسه كخمر أم لا كلبن حامض ، ولذا قال حراما ولم يقل بحرام . واحترز به عما إذا تحقق أو ظن أنه غير مسكر وأنه لا يغيب عقله فغاب باستعماله وطلق وعقله غائب فلا يصح طلاقه ولا يلزمه لأنه كالمجنون وإن نوزع في سكره حراما وغيره ، فإن شهدت بينة بأنه غير حرام أو حرام عمل بها بلا يمين وإلا فالقول قوله بيمين فلم يدخل فيما قبل المبالغة السكر الحلال لأنه كالجنون .

( وهل ) طلاق السكران سكرا حراما لازم في كل حال ( إلا ) حال ( أن لا يميز ) بضم المثناة الأولى وفتح الميم وكسر الثانية مشددة بأن لا يفهم الخطاب ولا يحسن رد الجواب ، ولا يعرف السماء من الأرض ، ولا الرجل من المرأة ، فلا يلزمه طلاقه ( أو ) طلاقه لازم ( مطلقا ) عن التقييد بكونه مميزا في الجواب ( تردد ) أي طرق ، فطريق ابن يونس يلزمه اتفاقا إن ميز وعلى المشهور إن لم يميز ، وطريق المازري يلزمه على المشهور ميز أم لا ، وطريق الباجي وابن رشد إن ميز لزمه وإلا فلا . وفي نسخة وهل إن ميز وفي أخرى وهل إلا أن يميز وهي صحيحة أيضا ، أي وهل الخلاف المشار له بلو إلا أن يميز فيلزم بلا خلاف .

ابن عرفة وطلاق السكران أطلق الصقلي وغير واحد الروايات بلزومه . وقال ابن رشد من لا يميز الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فهو كالمجنون اتفاقا ، ونحوه قول الباجي إن لم يبق معه عقل جملة لم يصح منه نطق ولا قصد لفعل ، ولو علم أنه بلغ حد الإغماء لكان كالمغمى عليه . ابن رشد وأما السكران المختلط فطلاقه لازم ، وقال محمد بن عبد الحكم طلاقه لا يجوز وذكره المازري رواية شاذة .




الخدمات العلمية