الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهل له عزل وكيله ؟ قولان . .

التالي السابق


( و ) إن وكل الزوج شخصا على تفويض أمر زوجته لها توكيلا أو تخييرا أو تمليكا ف ( هل له ) أي الزوج ( عزل وكيله ) أي الزوج على تفويض أمر العصمة للزوجة توكيلا أو تمليكا أو تخييرا أو ليس له عزله ( قولان ) هذا الوجه ذكره الحطاب وهو أحسن ما يحمل عليه المصنف ، وعليه فضمير وكيله للتفويض بمعنى التمليك أو التخيير . وأما تقريره بحمله على الوكيل الحقيقي فغير صحيح إذ لا خلاف أن للزوج عزل الوكيل ما لم يوقع الطلاق كما جزم به اللخمي وغيره ، وقد صرح ابن عرفة بأنه متفق عليه .

وأما ما في الحط عن اللخمي وعبد الحق من ذكر الخلاف في عزل الوكيل ففيه نظر إذ الخلاف الذي ذكره اللخمي إنما ذكره فيما إذا قال الزوج لغيره : طلق امرأتي فهل يحمل على التمليك فليس له عزله أو على التوكيل فله عزله ، هذا الذي يفيده أبو الحسن و " ق " و " غ " ، قال وحمل المصنف على هذا يحتاج إلى وحي يسفر عنه .

وعبارة ابن غازي هكذا هو فيما وقفنا عليه من النسخ .

وهل له عزل وكيله بتذكير الضمير وهو مشكل فإنه إن حمل على الوكيل الحقيقي الذي هو قسيم المملك والمخير والرسول ، فلا خلاف أن للزوج أن يعزله ما لم يوقع الطلاق كما جزم به اللخمي وغيره .

وقد صرح ابن عرفة بأنه متفق عليه وإن حمل على أنه تجوز فيه بإطلاقه على المملك فهذا ليس له أن يعزله ، وقد قال في المدونة : وإذا أملكها أمرها أو ملكه لأجنبي ثم بدا له عزله فليس ذلك له والأمر إليهما ولم يذكروا في هذا خلافا .

فإن قلت كيف تنكر وجود الخلاف في هذا الأصل .

وفي النوادر عن ابن الماجشون إن قال لختنته إذا تكاريت لابنتك وخرجت بها من القرية فأمرها بيدك فتكارت لها لتخرجها فأبى وبدا له فذلك له ولا شيء عليه . قلت قد تأول الباجي قول ابن الماجشون فقال : معناه عندي أن الرجوع في سبب التمليك بأن يمنع أمها من الخروج بها ولو أخرجتها لم [ ص: 176 ] يكن له الرجوع في التمليك ، وقبله ابن زرقون وغيره كابن عرفة ، ولو سلمنا كونه خلافا لكان من الشذوذ بمكان ، فكيف يعادله المصنف بما في المدونة . ولابن محرز تحرير عجيب في التمييز بين النوعين قال رحمه الله تعالى التخيير والتمليك توكيل من الخروج على الطلاق وتمليك له إلا أنه لا يستطيع العزل فيه لما تعلق للمخيرة والمملكة فيه من الحق وإن هو جعل أمر امرأته بيد رجل إرادة موافقتها بذلك وإدخال المسرة عليها فلذلك ينبغي أيضا أن يمنع من عزله لحقها ويؤمر هذا الذي جعل الأمر بيده أن لا يقضي إلا بما يعلم أنه يوافقها وإن كان لم يرد بذلك موافقتها فهي وكالة كسائر الوكالات على أنواع المملوكات إن شاء أقر من وكله وإن شاء عزله ا هـ .

فإن كان المصنف فهم كلام ابن محرز هذا على الخلاف لظاهر المدونة فأشار إلى ذلك بالقولين فعبارته غير وافية بذلك مع ما فيه من البعد في المعنى ، نعم قال أبو الحسن الصغير انظر إذا ملك غير الزوجة ، وقالت الزوجة أسقطت حقي في التمليك فهل للزوج أن يعزل المملك لأنهم عللوا عدم عزل الوكيل بتعلق حق الغير وها هي قد أسقطته أو يقال للوكيل حق في الوكالة فلا يعزله . ا هـ . فلو أراد المصنف التنبيه على هذا لقال وهل له عزل مملكه إن أسقطت حقها تردد ، أما حمل كلامه على قول اللخمي واختلف إذا قال : طلق امرأتي هل هو تمليك أو وكالة فيحتاج إلى وحي يسفر عنه




الخدمات العلمية