الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وحضانة الذكر : للبلوغ ، [ ص: 421 ] والأنثى : كالنفقة للأم ، ولو أمة عتق ولدها أو أم ولد . و للأب : تعاهده ، وأدبه ، وبعثه للمكتب . [ ص: 422 ] ثم أمها ، ثم جدة الأم ، إن انفردت بالسكنى عن أم سقطت حضانتها ثم الخالة ثم خالتها ، ثم جدة الأب ثم الأب ثم الأخت ثم العمة [ ص: 423 ] ثم هل بنت الأخ أو الأخت أو الأكفأ منهن وهو الأظهر ؟ أقوال ثم الوصي ، ثم الأخ ، ثم ابنه ، ثم العم ، ثم ابنه ، لا جد لأم . واختار خلافه ، [ ص: 424 ] ثم المولى الأعلى ، ثم الأسفل . وقدم الشقيق ، ثم للأم ، ثم للأب في الجميع وفي المتساويين بالصيانة والشفقة .

التالي السابق


( وحضانة ) فتح الحاء أشهر من كسرها مأخوذ من الحضن بكسر الحاء وهو ما تحت الإبط للكشح وهو ما بين الخاصرة والضلع الخلفي وهي لغة الحفظ والصيانة وشرعا صيانة العاجز والقيام بمصالحه . ابن عرفة محصول قول الباجي حفظ الولد في مبيته ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه الولد ( الذكر ) المحقق ثابتة من ولادته ( للبلوغ ) ولو زمنا أو عاجزا عن الكسب أو مجنونا فتسقط حضانة الأم وتستمر نفقته على أبيه ولا يخرج الخنثى المشكل عن حضانتها ما دام مشكلا .

[ ص: 421 ] ابن عبد السلام المشهور في غاية أمد الحضانة أنها البلوغ في الذكور من غير شرط وفي التوضيح المشهور في الإثبات كونه علامة للبلوغ . والحط ظاهره مطلقا . ( و ) حضانة ( الأنثى كالنفقة ) في الجملة إذ حضانتها إلى الدخول فقط والنفقة إليه أو إلى الدعاء له وفهم من قوله كالنفقة أنها إذا طلقت قبل البناء لم تسقط حضانتها ، وأنها لو دخلت زمنة واستمرت زمنة حتى تأيمت لم تسقط حضانتها ، وأن الزوج إذا دخل بها غير مطيقة الوطء سقطت حضانتها وهو كذلك إلا أن يقصد الأب بتزويجها الفرار من الفرض وإسقاط الحضانة فلا يسقط ولا الحضانة بالدخول حتى تطيق قاله الونشريسي ولو التزمت الأم حضانة ولدها ثم تزوجت في زمنها فسخ نكاحها قبل البناء قاله ابن عبد الغفور .

وقال الأبهري الشرط باطل فإن حاضت زمن رضاعها ثلاث حيض ففي منعها من التزويج مطلقا مدة الرضاع وجوازه مطلقا ومنعه إن شرط عدمه ، ومنعه إن أضر بالصبي أقوال حكاها ابن عرفة وحضانة الذكر والأنثى ( للأم ) المطلقة أو التي مات زوجها ، وأما التي في العصمة فهي لها وللأب معا ، قاله ابن عرفة إن كانت الأم حرة بل ( ولو ) كانت ( أمة ) متزوجة ( عتق ) بفتحات ( ولدها ) وطلقت أو مات زوجها الحر أو العبد فلها حضانته . ابن عرفة إلا أن يتسررها السيد فتسقط حضانتها كالأم ، وإذا تزوجت وفرضه في المدونة في الحر نص على المتوهم وقوله عتق ولدها لدفع توهم أن الأمة لا تحضن الحر ( أو ) كانت الأم ( أم ولد ) نجز سيدها عتقها أو عتقت بموته فلها حضانة ولدها منه .

( وللأب ) وسائر الأولياء ( تعاهده ) أي المحضون ذكرا كان أو أنثى ( وأدبه ) أي تأديب المحضون ( وبعثه ) أي إرسال المحضون ( للمكتب ) بفتح الميم والفوقية أي محل تعلم الكتابة أو المعلم أو المعلمة وختنه وبعثه لأمه وليس له زفاف البنت من عنده لبيت زوجها بل من عند الأم فالحق لها فيه قاله أبو الحسن . البناني لا خصوصية للأم وإن عبر بها أبو الحسن فالحق للحاضنة مطلقا في الزفاف من عندها . ابن عمر إذا قال تزف من عندي [ ص: 422 ] وقالت الحاضنة من عندي فالقول قول الحاضنة .

( ثم ) إذا قام بالأم مانع أو أسقطت حقها فالحضانة ل ( أمها ) أي الأم ( ثم ) ل ( جدة الأم ) أم أمها أو أم أبيها ( إن انفردت ) أو الأم أو جدتها ( بالسكنى عن أم سقطت حضانتها ) بتزوجها أو غيره ، ويجري هذا الشرط في كل من انتقلت لها الحضانة وهذا الشرط هو المشهور عند المصنف واقتصر المتيطي على عدم اعتباره وهو قول سحنون وبه أفتى ابن الحاجب ابن سلمون الذي أفتى به ابن العواد أنه لا حضانة للجدة إذا سكنت مع بنتها قال وهي الرواية المشهورة عن مالك " رضي الله عنه " وبها العمل واختارها المتأخرون من البغداديين وغيرهم وتقدم جدة الأم من جهة أمها على جدتها من جهة أبيها . ( ثم الخالة ) أخت الأم شقيقة أو لأم أو لأب على المعتمد ، وسيأتي للمصنف وقدم الشقيق ثم للأم ثم للأب في الجميع ونحوه في المقدمات وابن عرفة ( ثم ) ل ( خالتها ) أي الأم وأسقط مرتبة وهي عمة الأم . ابن عرفة وعلى هذا الترتيب ما بعد من نسب الأم . ( ثم ) ( جدة ) المحضون من قبل ( الأب ) سواء كانت أم الأب أو أم أمه أو أم أبيه وإن علت فليس المراد جدة الأب فقط كما توهمه عبارته وجهة أمه مقدمة على جهة أبيه في المقدمات فإن انقطعت قرابات الأم فالجدة للأب ثم أم جدة الأب ثم أم أبي الأب ثم أم أم أمه ثم أم أم أبيه ثم الأب . ابن عرفة فإن لم تكن للأب أم أو كان لها زوج أجنبي كان أمه وأم أبيه وأم أمه أحق من أم أبيه ، وقال فإن لم تكن قرابات الأم ففي تقديم الأب على قراباته وعكسه ثالثها الجدات من قبله أحق منه وهو أحق من سائرهن النقلي الصقلي ولها وعزاه في البيان لابن القاسم . ا هـ . وعلى الأول جرى في التحفة . ( ثم الأب ) تأخيره عن جداته هو مذهب المدونة ( ثم الأخت ) للمحضون شقيقة ثم لأمه ثم لأبيه ( ثم العمة ) للمحضون ثم عمة أبيه ثم خالة أبيه .

[ ص: 423 ] ثم هل بنت الأخ ) الشقيق ثم لأم ثم لأب قاله في المقدمات ومفاد نقل المواق أنه الراجح ( أو ) بنت ( الأخت ) كذلك واختاره الرجراجي ( أو ) الشخص ( الأكفأ ) من الكفاية أي الأشد في الكفاية وحفظ المحضون حال كونه ( منهن ) أي بنات الإخوة والأخوات ( وهو الأظهر ) من الخلاف عند ابن رشد ( أقوال ) المناسب تردد " د " فيه ثلاثة أشياء الأول أن اسم التفضيل التالي أل حقه مطابقة موصوفه فالمناسب الكفأى . الثاني جمعه بين من وأل وهو شاذ .

الثالث جمعه ضمير منهن ومرجعه اثنتان ، وجواب الأول اعتبار الموصوف الشخص ، والثاني أن من ليست داخلة على المفضول بل للتبعيض ومتعلقها حال من الأكفى ، والثالث أن الجمع باعتبار تعدد بنات الأخ والأخت بالشقاقة وغيرها كما أشرت إليها في المزج . ( ثم ) الشخص ( الوصي ) ذكرا كان أو أنثى إن كان المحضون ذكرا فإن كان أنثى لا تطيق فكذلك وإن كانت مطيقة والوصي ذكر فشرطه كونه محرما لها بنسب أو صهر أو رضاع وإلا فلا حضانة له ، ورجحه الموضح وغيره ورجح ابن عرفة أن له الحضانة وسواء وصي الأب ووصي وصيه ومقدم القاضي ( ثم الأخ ) للمحضون الشقيق ثم للأم ثم للأب ثم الجد من جهة الأب كذا في الموازية وهل الأقرب خاصة أو وإن علا احتمالان لابن رشد ( ثم ابنه ) أي الأخ كذلك .

( ثم العم ) كذلك ( ثم ابنه ) أي العم كذلك قرب كل أو بعد إن أريد بالجد المتوسط بين الأخ وابنه الأقرب فقط ، ويكون أبو الجد متوسطا بين العم وابنه وهكذا كما لابن عرفة وكذا إن أريد به الأعم فيما يظهر ( لا ) حضانة ل ( جد ) للمحضون منتسب ( لأم ) له عند ابن رشد ( ، واختار ) اللخمي من نفسه ( خلافه ) أي أن للجد من جهة الأم الحضانة ; لأن له حنانا وشفقة ، وقد قدموا الأخ للأم على الأخ للأب لذلك وكذا العم مع [ ص: 424 ] أن الذي للأب عاصب وعلى هذا فيلي الجد للأب لقول الوثائق إذا اجتمع الجدان فالجد للأب أولى من الجد للأم وهو قول ابن القصار قاله تت عج قد يقال لا يفهم من قوله إنه يليه ألا ترى أنه يقال الأخ أولى من العم وإن كان بينهما مرتبتان . ( ثم المولى ) بفتح الميم واللام ( الأعلى ) أي المعتق بكسر التاء الذكر وعصبته نسبا ثم ولاء فلا حضانة للمعتقة بكسرها .

ابن عرفة ابن محرز لا حضانة لمولاة النعمة إذ لا تعصيب فيها كالذكر ، قلت الأظهر تقديمها على الأجنبي ( ثم ) المولى ( الأسفل ) أي المعتق بفتح التاء من والد المحضون الذي لا حاضن له من النسب ولا من العتق . ( وقدم ) بضم فكسر مثقلا الشخص ( الشقيق ثم للأم ثم للأب في الجميع ) من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والخالات وأولادهم .

ابن ناجي ظاهر المدونة أن للأخت لأب الحضانة وهو كذلك على أحد القولين وفي الذخيرة أسقط مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما الأخت والأخ للأب ; لأن العادة تباغض أولاد الضرائر وقيل لهما الحضانة ونحوه في تكميل التقييد ورجح الأول . ( و ) قدم ( في ) الشخصين ( المتساويين ) في المرتبة كأختين شقيقتين ( ب ) زيادة ( الصيانة ) أي حفظ المحضون مما لا يليق به بدنا ودينا ( و ) زيادة ( الشفقة ) أي الحنان والرحمة فإن كان في أحدهما زيادة صيانة وفي الآخر زيادة شفقة قدم زائد الشفقة فإن تساويا فيهما قدم الأسن ; لأنه أقرب إلى الصبر والرفق بالمحضون فإن تساويا في السن أيضا فالقرعة فإن تزوجت أمه عمه وأراد عم آخر أخذه فليس له ذلك ; لأن كونه مع أمه وعمه أولى من كونه مع عم زوجته أجنبية وإن تزوجت خالته عمه ، وأراد أبوه أخذه قيل له كونه مع خالته وعمه أحسن من كونه عندك وزوجتك أجنبية ; لأن الغالب عليها الجفاء والغالب منك أن تكله إليها




الخدمات العلمية