الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 618 - 621 ] ولا يفرض لأخت معه ، إلا في الأكدرية ، والغراء ; زوج وجد ، وأم ، وأخت شقيقة ، أو لأب : فيفرض لها ; وله ، ثم يقاسمها ;

التالي السابق


( ولا يفرض ) بضم التحتية وفتح الراء ( لأخت ) شقيقة أو لأب ( معه ) أي الجد ، بل ترث معه بالتعصيب كأخيها فله مثل حظها ( إلا في ) المسألة الملقبة ب ( الأكدرية و ) ب ( الغراء ) بفتح الغين المعجمة وشد الراء ، فيفرض لها النصف ، وله السدس ابتداء ، ثم يقاسمها فيها انتهاء ، ولها صورتان الأولى ( زوج وجد وأم وأخت شقيقة ) والثانية ( أو ) أخت ( لأب ) بدل الشقيقة مع الزوج والأم والجد ( فيفرض ) بضم التحتية وفتح الراء ( لها ) أي الشقيقة في الأولى والتي لأب في الثانية النصف ثلاثة زائدة على الستة التي هي أصل المسألة . ( و ) يفرض ( له ) أي الجد السدس واحد منها ، فللزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان وللجد السدس واحد ; لأنه لا ينقص عنه بحال ، فقد تمت الستة ولم يبق للشقيقة أو التي لأب شيء وهي ذات فرض لا سبيل لإسقاطها ، فيفرض لها النصف ثلاثة زائدة على الستة فتصير تسعة ( ثم ) يجمع نصف الأخت وسدس الجد ( ويقاسمها ) أي الجد الأخت في مجموعهما وهو أربعة له سهمان ولها سهم ، والأربعة لا تنقسم على الثلاثة وتباينها فتضرب ثلاثة في تسعة بسبعة وعشرين ، ومنها تصح فللزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللأم [ ص: 622 ] اثنان في ثلاثة بستة وللجد والأخت أربعة في ثلاثة باثني عشرة له ثمانية ولها أربعة وصورتها هكذا : ( تنبيهات )

الأول يعايا بها فيقال هالك ترك أربعة من الورثة فأخذ أحدهم ثلث ماله ، وانصرف وأخذ الثاني ثلث الباقي وانصرف وأخذ الثالث ثلث الباقي ، وانصرف وأخذ الرابع الباقي فالأول الزوج ، والثاني الأم والثالث الأخت ، والرابع الجد ، ويقال امرأة مرت بقوم يقسمون ميراثا فقالت لهم إني حامل ، فإن ألد ذكرا فلا يرث معكم وإن ألد أنثى ورثت معكم وفيها قال الشاعر :


ما أهل بيت توى بالأمس ميتهم فأصبحوا يقسمون المال والحللا فقالت امرأة من غيرهم لهم
إني سأسمعكم أعجوبة مثلا في البطن مني جنين دام رشدكم
فأخروا القسم حتى تظهر الحبلا فإن ألد ذكرا لم يعط خردلة
وإن ألد غيره أنثى فقد فضلا بالثلث حقا يقينا ليس ينكره
من كان يعلم قول الله إذ نزلا

، وقال آخر :

ما فرض أربعة يوزع بينهم ميراث ميتهم بفرض واقع
فلواحد ثلث الجميع وثلث ما يبقى لثانيهم بحكم جامع
ولثالث من بعد ذا ثلث الذي يبقى وما يبقى نصيب الرابع



، وقال ابن عرفة :

ولا ييأس المفضول من فضله على مزيد عليه فضله بالضرورة
فرب مقام أنتج الأمر عكسه كحمل بأنثى جاء في الأكدرية
لها الإرث فيها ثم زادت لجدها وللذكر الحرمان دون زيادة

. [ ص: 623 ] وصورتها ماتت عن زوج وأم حامل وجد فإن وضعت الأم أنثى فهي الأكدرية ، وإن وضعت ذكرا فعاصب لا يفضل له شيء بعد الفروض .

الثاني : لو كان مكان الأخت في الأكدرية أختان من أي جهة ، فلا تعول لرجوع الأم للسدس بالأختين ، فللزوج النصف ثلاثة وللأم السدس وللجد السدس ، وهو مستو مع المقاسمة ، وإن زادت الأختان على اثنتين كان السدس أفضل للجد من المقاسمة وثلث الباقي ، فيبقى واحد على اثنين لا يقسم ويباينهما فتضرب الاثنين في ستة باثني عشر فللزوج ثلاثة في اثنين بستة وللأم اثنان ، وللجد اثنان ولكل أخت واحد وصورتها هكذا :

الفاكهاني هنا إشكال أعضل سر فهمه الفراض ، وهو أن الأختين فأكثر إذا أخذتا السدس هنا فبأي وجه أخذتاه لا جائز كونه فرضا ; لأن فرضهما الثلثان ولا تعصيبا ; لأن الجد الذي يعصبهما صاحب فرض هنا ، وصاحب الفرض لا يعصب إلا البنت أو بنت الابن مع أخت أو أخوات ، فانظر جوابه ا هـ .

تت وهو واضح إن كان النقل أن الجد يأخذ السدس هنا بالفرض ، ولكن قال الدميري في شرح المنهاج كلام أبي الطيب يقتضي أنه يأخذه بالتعصيب ، وعلى هذا فلا إشكال . عج فيه نظر ، إذ لو كان كذلك لأخذ في جد وأربع أخوات الثلث وهن الثلثان على قاعدة التعصيب ، وهو إنما يأخذ في الفرض المذكور النصف ، وإن كثر الأخوات إلى أنه يرث بالفرض ا هـ . طفي لا شك أن الأختين فأكثر تأخذان ذلك تعصيبا ، وأن الجد معصب ، إذ هو المانع لهما من أخذ فرضهما ولا يرد أن صاحب الفرض لا يعصب ، إذ ليس فرضه محتما لتخييره بين الأمور الثلاثة .

الثالث : تعقب شيخنا سبط المارديني قول الفرضين لا يفرض للأخت مع الجد إلا في الأكدرية بأنه يفرض لها معه في ثلاث مسائل أخر إحداها جد وشقيقة معهما من ولد [ ص: 624 ] الأب أخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات أو أكثر من ذلك ، فيفرض للجد الثلث وللشقيقة النصف والباقي لولد الأب بالعصوبة ، فأصلها ستة للجد سهمان وللشقيقة ثلاثة ولولد الأب سهم على عدد رءوسهم ، ويختلف التصحيح بحسب رءوسهم ولا تنحصر صورهم .

الثانية : أن يكون مع الجد والشقيقة في هذه الصورة صاحب ربع من زوجة أو زوجات ، فلها أو لهن الربع وللجد ثلث الباقي سهم ، وللشقيقة النصف سهمان ، ويسقط ولد الأب كيف كانوا ، ويختلف التصحيح بحسب عدد الزوجات .

الثالثة : أن يكون مع الجد في هذه الصورة صاحب سدس من أم أو جدة أو جدات فيفرض للجد ثلث الباقي بعد السدس ، ويفرض للأخت النصف فأصلها من ثمانية عشر للأم أو الجدة فأكثر السدس ثلاثة ، وللجد ثلث الباقي خمسة ، ويختلف التصحيح بحسب عدد الجدات ولا تنحصر صورها ، وذكر صورا أخرى ، ثم قال لم أر من نبه عليه فاعتمده فأجبته عن ذلك بأن معنى كلام الفراض لا يفرض لها معه إلا في الأكدرية ، أي حيث استغرق أصحاب الفروض المسألة ولم يبق إلا العول أو حرمانها ، واستشهدت بقول المعونة وإنما كان كذلك ; لأن الجد لا ينقص عن السدس والأخت لا تسقط ، ولو لم تعل الفريضة لأدى لبطلان أحد الأصلين ونحوه للجعدي وغيره .

وقول ابن الحاجب فيفرض للأخت وله ثم يرجع معها إلى المقاسمة لما يلزم من نقصه أو حرمانها مع إمكان الفرض ، فقال قد قرأ علي هذا المحل جماعة من الفضلاء ذوي المذاهب وكلهم سلمه واستحسنه ، ثم أمهلني ليتأمل فمات واستمر الحال على ذلك ا هـ طفي . وجوابه حسن قلت الحسن الجواب بمنع الفرض لها في تلك المسائل ، إذ لو كان يفرض لها فيها لم تكن من المسائل المعادة والرجوع بتمام فرضها لو لم يكن فيها جد مع أنه لا شك أنها من المسائل المعادة الرجوع ، والله أعلم .

الرابع : " غ " فائدة الواو في قوله والغراء نفي توهم جريان الثاني على الأول ، حتى [ ص: 625 ] يظن أن الأكدرية تكون غراء وغير غراء وأنه احترز من الأكدرية غير الغراء وأفهم مثله في قوله بعد ولا في الحمارية والمشتركة .

الخامس : ابن حبيب سميت أكدرية ; لأن عبد الملك بن مروان طرحها على رجل اسمه أكدر يحسن الفرائض فأخطأ فيها ، وقيل سأل أكدر عبد الملك فأخطأ وقيل لأن امرأة اسمها كدراء وقعت هذه في إرثها ، وقيل لأنها تكدرت على زيد فلم يصف له فيها أمر ، وقيل لتكدرها بكثرة أقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم فيها ، قيل وسميت الغراء إذ لا شبه لها في الفرائض ، فهي مشهورة كغرة الفرس ، وقيل لأن الجد غر الأخت .




الخدمات العلمية