الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وصوم الدهر غير العيد ) من فطر ونحر ( و ) أيام ( التشريق ) ( مكروه لمن خاف به ضررا أو فوت حق ) واجب أو مندوب لما صح من { قوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء لما فعل ذلك فتبذلت أم الدرداء إن لربك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، ولجسدك عليك حقا فصم وأفطر ، وقم ونم وائت أهلك وأعط كل ذي حق حقه } أما صوم العيدين وأيام التشريق أو شيء منها فحرام كما مر ( ومستحب لغيره ) لإطلاق الأدلة ولقوله صلى الله عليه وسلم { من صام الدهر ضيقت عليه جهنم وعقد تسعين } رواه البيهقي ، ومعنى ضيقت عليه ، أي عنه فلم يدخلها أو لا يكون له فيها موضع ، وخبر { لا صام من صام الأبد } محمول على من صام العيدين وأيام التشريق أو شيئا منها ، ومع ندبه فصوم يوم وفطر يوم أفضل منه كما صرح به المتولي وغيره ، واختاره السبكي والأذرعي وغيرهما خلافا لابن عبد السلام كالغزالي لخبر الصحيحين { أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وفيه لا أفضل من ذلك } وما احتج به ابن عبد السلام من أن الحسنة بعشر أمثالها ومن أن قوله في الخبر لا أفضل من ذلك : أي لك يرد بأن صيام داود أشق على النفس وأفضل الأعمال أشقها ، وبأن تأويله للخبر فيه صرف له عن ظاهره من غير قرينة تعضده ، وما ذكره المصنف من الاستحباب لغيره هو المعتمد ، ولا يخالفه تعبير الشرحين والروضة والمجموع بعدم الكراهة لصدقه بالاستحباب ، ولو نذر صوم الدهر انعقد نذره ما لم يكن مكروها كما قاله السبكي

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله { ضيقت عليه جهنم } ) عبارة شرح المنهج هكذا : وعقد تسعين إلخ ، وقوله وعقد تسعين قال المحلي : هو أن يرفع الإبهام ويجعل السبابة داخلة تحته مطبوقة جدا ( قوله : صوم يوم وفطر يوم أفضل ) وظاهر كلامهم أن من فعله فوافق فطره يوما سن صومه كالاثنين والخميس ، والبيض يكون فطره فيه أفضل ليتم له صوم يوم وفطر يوم ، لكن بحث بعضهم أن صومه له أفضل . ا هـ حج . وقضية إطلاق الشارح موافقة الأول ( قوله : وما ذكره المصنف من الاستحباب لغيره ) أي لغير من لم يخف ضررا ولا فوت حق ( قوله : ولو نذر صوم الدهر انعقد ) أي وحيث انعقد لو طرأ عليه ما يشق معه الصوم أو ترتب عليه خوف فوت حق أو نحوه مما يمنع انعقاد النذر هل يؤثر أو لا فيجب عليه الصوم مع المشقة ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لعجزه عن فعل ما التزمه وليس له وقت يمكن قضاؤه فيه كما يصرح به قول الشارح السابق بعد قول المصنف والأظهر وجوب النذر على من أفطر للكبر ومن ثم لو نذر صوما لم يصح نذره لو قدر عليه بعد الفطر لم يلزم قضاؤه




                                                                                                                            الخدمات العلمية