الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويحرم على المرأة وصل شعرها [ ص: 25 ] بشعر طاهر من غير آدمي ، ولم يأذنها فيه زوج أو سيد ، ويجوز ربط الشعر بخيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر . ويحرم أيضا تجعيد شعرها ، ووشر أسنانها ، وهو تحديدها وترقيقها ، والخضاب بالسواد وتحمير الوجنة بالحناء ونحوه ، وتطريف الأصابع مع السواد ، والتنميص ، وهو الأخذ من شعر الوجه والحاجب المحسن ، فإن أذن لها زوجها أو سيدها في ذلك جاز ; لأن له غرضا في تزيينها له كما في الروضة ، وأصلها ، وهو الأوجه ، وإن جرى في التحقيق على خلاف ذلك في الوصل والوشر فألحقهما بالوشم في المنع مطلقا .

                                                                                                                            ويكره أن ينتف الشيب من المحل الذي لا يطلب منه إزالة شعره ، ويسن خضبه بالحناء ونحوه . ويسن للمرأة المزوجة أو المملوكة خضب كفها وقدمها بذلك تعميما ; لأنه زينة ، وهي مطلوبة منها لحليلها ، أما النقش والتطريف فلا ، وخرج بالمزوجة والمملوكة غيرهما فيكره له ، وبالمرأة الرجل والخنثى فيحرم الخضاب عليهما إلا لعذر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويحرم على المرأة ) خرج بالمرأة غيرها من ذكر وأنثى صغيرين فيجوز حيث كان من طاهر غير آدمي ، أما إذا كان من نجس أو آدمي فيحرم مطلقا ( قوله : وصل شعرها إلخ ) ظاهره ولو كان شعر نفسها الذي انفصل منها أولا ، وليس بعيدا ; لأنه بانفصاله عنها صار محترما ويوافقه ما ذكرناه عن م ر . [ فرع ] وقع السؤال عمن تزوج امرأة وقد أزيل بعض شعر رأسها قبل تزوجه بها هل يجوز له النظر إليه الآن ، وهل إذا انفصل منها شعر ، وهي في نكاحه ثم طلقها هل يجوز النظر إليه بعد الطلاق لانفصاله في وقت كان يجوز له النظر إليه فيه وأجيب عنه بأن الظاهر الحرمة في كل من الصورتين ، أما في الأولى فلأن العقد إنما يشمل الأجزاء [ ص: 25 ] الموجودة وقته ، وأما في الثانية فلأنها صارت أجنبية عنه فلا نظر لانفصاله في وقت كان يجوز له فيه النظر ( قوله : من غير آدمي ) أي أما الآدمي فيحرم مطلقا أذن أو لا ; لأنه يحرم الانتفاع بشيء منه لكرامته ، ونقل بالدرس عن م ر أنه يحرم ذلك على الآدمي ولو من نفسه لنفسه . أقول : ولعل وجهه أنه صار محترما ، وتطلب مواراته بانفصاله أولا ، وعليه فلا يصح بيعه كبقية شعور البدن للعلة المذكورة . ( قوله : أو سيد ) أي أو دلت قرينة على الإذن ( قوله : ربط الشعر بالخيوط الحرير ) ظاهره ، وإن لم يأذن الزوج أو السيد ( قوله : مما لا يشبه الشعر ) مفهومه أنه إذا أشبه الشعر لا يجوز إلا بإذن الزوج ( قوله : مع السواد ) ظاهره أن التطريف بنحو الحناء لا يتوقف على الإذن ( قوله : في ذلك ) أي ما تقدم من قوله : ويحرم تجعيد شعرها ووشر إلخ ( قوله : لا يطلب منه إزالة شعره ) كاللحية والرأس لخبر { لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة } ورواه الترمذي وحسنه . قال في المجموع : ولو قيل بتحريمه لم يبعد .

                                                                                                                            ونقل ابن الرفعة تحريمه عن نص الأم : والنتف للحية المرأة وشاربها مستحب : أي ولو خلية ; لأن ذلك مثلة في حقها ا هـ شرح روض ( قوله : ويسن خضبه ) أي الشيب ( قوله : ويسن للمرأة المزوجة ) أي ولو بغير إذن الزوج والسيد ( قوله : وأما النقش والتطريف فلا ) أي فلا يسن بل يحرم بدون الإذن إن كان بسواد كما مر ( قوله : فيكره له ) أي خضب كفها وقدمها بذلك ، وبقي ما تقدم من الوصل والتجعيد وغيرهما يكره في غير المزوجة أو يحرم ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            وقضية قول الشارح فإن أذن لها زوجها أو سيدها في ذلك جاز الثاني لتخصيص الجواز بحالة الإذن ، وهو منتف هنا ولأنها تجر به الريبة إلى نفسها ( قوله : وبالمرأة الرجل ) أي البالغ ، أما الصبي ولو مراهقا فلا يحرم على وليه فعل ذلك به ولا تمكينه منه ، كما لا يحرم عليه إلباسه الحرير ، نعم إن خيف من ذلك ريبة في حق الصبي فلا تبعد الحرمة على الولي ( قوله : الرجل والخنثى فيحرم الخضاب عليهما ) أي : الحناء تعميما ( قوله : إلا ) أي بأن لا يقوم غيره في مداواة جرحه مثلا مقامه ( قوله : لعذر ) أي ، وإن لم يبح التيمم .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 23 - 25 ] . ( قوله : بشعر طاهر من غير آدمي ) أي أما من الآدمي فيحرم مطلقا سواء أذن فيه الزوج والسيد أم لا ولو من شعرها كما نقله الشهاب سم عن الشارح .




                                                                                                                            الخدمات العلمية