الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وكنايته : تصدقت ، وحرمت ، وأبدت ) .

أما " تصدقت ، وحرمت " فكناية فيه بلا خلاف أعلمه . وأما " أبدت " فالصحيح من المذهب : أنها من ألفاظ الكناية ، وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به الأكثر . وذكر أبو الفرج أن " أبدت " صريح فيه .

قوله ( فلا يصح الوقف بالكناية إلا أن ينويه ) بلا نزاع .

( أو يقرن بها أحد الألفاظ الباقية ) .

يعني : الألفاظ الخمسة من الصريح والكناية . أو حكم الوقف ، فيقول : تصدقت صدقة موقوفة ، أو محبسة ، [ ص: 6 ] أو مسبلة ، أو محرمة ، أو مؤبدة ، أو لا تباع ولا توهب ، ولا تورث . وهذا الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وذكر أبو الفرج : أن قوله " صدقة موقوفة ، أو مؤبدة ، أو لا يباع " كناية . وقال الحارثي : إضافة : التسبيل " بمجرده إلى " الصدقة " لا يفيد زوال الاشتراك . فإن " التسبيل " إنما يفيد ما تفيده الصدقة ، أو بعضه . فلا يفيد معنى زائدا .

وكذا لو اقتصر على إضافة " التأبيد " إلى " التحريم " لا يفيد الوقف ، لأن التأبيد قد يريد به دوام التحريم . فلا يخلص اللفظ عن الاشتراك . قال : وهذا الصحيح . انتهى .

وقد قال المصنف ، والشارح ، وغيرهما : لو جعل علو بيته أو سفله مسجدا صح . وكذا لو جعل وسط داره مسجدا ، ولم يذكر الاستطراق : صح كالبيع .

قال في الفروع : فيتوجه منه الاكتفاء بلفظ يشعر بالمقصود . وهو أظهر على أصلنا . فيصح " جعلت هذا للمسجد " أو " في المسجد " ونحوه . وهو ظاهر نصوصه .

وصحح في رواية يعقوب : وقف من قال " قريتي التي بالثغر لموالي الذين به ، ولأولادهم " قاله شيخنا .

وقال : إذا قال واحد ، أو جماعة " جعلنا هذا المكان مسجدا ، أو وقفا " صار مسجدا ، ووقفا بذلك . وإن لم يكملوا عمارته .

وإذا قال كل منهم " جعلت ملكي للمسجد " أو " في المسجد " ونحو ذلك . صار بذلك حقا للمسجد . انتهى . [ ص: 7 ] فائدتان إحداهما : إذا قال " تصدقت بأرضي على فلان وذكر معينا ، أو معينين والنظر لي أيام حياتي . أو لفلان ، ثم من بعده لفلان " كان مفيدا للوقف . وكذا لو قال " تصدقت به على فلان . ثم من بعده : على ولده ، أو على فلان " أو " تصدقت به على قبيلة كذا " أو " طائفة كذا " كان مفيدا للوقف . لأن ذلك لا يستعمل فيما عداه . فالشركة منتفية .

الثانية : لو قال " تصدقت بداري على فلان " ثم قال بعد ذلك " أردت الوقف " ولم يصدقه فلان : لم يقبل قول المتصدق في الحكم . لأنه مخالف للظاهر . قلت : فيعايا بها .

قوله ( ولا يصح إلا بشروط أربعة . أحدها : أن يكون في عين يجوز بيعها ، ويمكن الانتفاع بها دائما مع بقاء عينها ) . يعني في العرف . كالإجارة . وهذا المذهب . وعليه الأصحاب . واعتبر أبو محمد الجوزي بقاء متطاولا . أدناه : عمر الحيوان .

قوله ( كالعقار ، والحيوان ، والأثاث ، والسلاح ) . أما وقف غير المنقول : فيصح بلا نزاع . وأما وقف المنقول كالحيوان ، والأثاث ، والسلاح ، ونحوها فالصحيح من المذهب : صحة وقفها . وعليه الأصحاب . ونص عليه .

وعنه : لا يصح وقف غير العقار . نص عليه في رواية الأثرم ، وحنبل . ومنع الحارثي دلالة هذه الرواية ، وجعل المذهب رواية واحدة . ونقل المروذي : لا يجوز . وقف السلاح . وذكر أبو بكر . وقال في الإرشاد : لا يصح وقف الثياب .

التالي السابق


الخدمات العلمية