الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن حلف " ليشربن الماء " أو " ليضربن غلامه غدا " فتلف المحلوف عليه قبل الغد : حنث عند الخرقي ) . وهو المذهب . نص عليه . وجزم به في الوجيز ، ومنتخب الأدمي ، والمحرر .

[ ص: 107 ] وقدمه في المغني ، والشرح ونصراه والفروع ، والزركشي . وقال : هذا المذهب المنصوص . وهو من مفردات المذهب . وقيل : لا يحنث . وهو تخريج في المغني ، والشرح . وقال في الترغيب . لا يحنث على قول أبي الخطاب . فعلى المذهب : يحنث حال تلفه . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وقيل : يحنث في آخر الغد . وهو أيضا تخريج في المغني ، والشرح . وقيل : يحنث إذا جاء الغد . ذكره الزركشي ، وغيره . تنبيهان

أحدهما : محل الخلاف في أصل المسألة : إذا تلف بغير اختيار الحالف . فأما إن تلف باختياره كما إذا قتله ونحوه فإنه يحنث ، قولا واحدا . وفي وقت حنثه الخلاف المتقدم .

الثاني : مفهوم كلامه : أنه لو تلف في الغد ، ولم يضربه : أنه يحنث . وشمل صورتين .

إحداهما : أن لا يتمكن من ضربه في الغد . فهو كما لو مات من يومه . على ما تقدم . قاله المصنف ، والشارح .

الثانية : أن يتمكن من ضربه ولم يضربه . فهذا يحنث قولا واحدا . فوائد

منها : لو ضربه قبل الغد : لم يبر . على الصحيح من المذهب .

[ ص: 108 ] قدمه في المغني ، والشرح ، ونصراه . وقال القاضي : يبر ; لأن يمينه للحنث على ضربه . فإذا ضربه اليوم ، فقد فعل المحلوف عليه وزيادة . قلت : قريب من ذلك : إذا حلف " ليقضينه غدا " فقضاه قبله . على ما تقدم في أول الباب .

ومنها : لو ضربه بعد موته : لم يبر .

ومنها : لو ضربه ضربا لا يؤلمه : لم يبر أيضا .

ومنها . لو جن الغلام وضربه : بر .

قوله ( وإن مات الحالف : لم يحنث ) . إذا مات الحالف ، فلا يخلو : إما أن يكون موته قبل الغد ، أو في الغد . فإن مات قبل الغد : لم يحنث . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : لم يحنث في الأصح . وجزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والوجيز ، والخرقي ، والزركشي ، وغيرهم من الأصحاب . وقيل : يحنث . وكذا الحكم لو جن الحالف ، فلم يفق إلا بعد خروج الغد . وإن مات في الغد ، فالصحيح من المذهب : أنه يحنث . نص عليه . قال الزركشي : المذهب أنه يحنث . قدمه في الفروع . وقيل : لا يحنث مطلقا . وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وقيل : إن تمكن من ضربه : حنث ، وإلا فلا .

[ ص: 109 ] قال الزركشي : ولم أر هذه الأقوال مصرحا بها في هذه المسألة بعينها . لكنها تؤخذ من مجموع كلام أبي البركات . انتهى . قال في المغني ، والشرح : وإن مات الحالف في الغد ، بعد التمكن من ضربه : حنث وجها واحدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية