الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وحكم ما لم يوقف على مشيئته ) فيما ذكر ( كالإنس والجن ) والملائكة والجدار والحمار ( كذلك ) وكذا إن شرك كإن شاء الله وشاء زيد لم يقع أصلا ; ومثل إن إلا ، وإن لم ، وإذا ، [ ص: 371 ] وما ، وما لم يشأ ومن الاستثناء : أنت طالق لولا أبوك ، أو لولا حسنك ، أو لولا أني أحبك لم يقع خانية ، ومنه : سبحان الله ذكره ابن الهمام في فتواه

التالي السابق


( قوله وحكم من لم يوقف على مشيئته إلخ ) تعميم بعد تخصيص ، فإن الباري عز وجل ممن لا يوقف على مشيئته . وأفاد بالتمثيل أن المراد ما يعم من له مشيئة لا يوقف عليها كإن شاء الإنس ومن لا مشيئة له أصلا كإن شاء الجدار أفاده ط ( قوله فيما ذكر ) متعلق بحكم والمراد بما ذكر التعليق بالمشيئة ح ( قوله كذلك ) أي كالمعلق بمشيئة الله تعالى في عدم الوقوع ح ( قوله وكذا إن شرك ) بأن علق بمشيئة الله تعالى مثلا ومشيئة من يوقف على مشيئته ( قوله لم يقع أصلا ) أي وإن شاء زيد بحر ( قوله ومثل إن إلا ) أي إذا قال إلا أن يشاء الله تعالى فهو مثل إن شاء الله تعالى ، ويحتمل أن يراد إلا المركبة من إن الشرطية ولا النافية كما في قوله تعالى { إلا تفعلوه تكن فتنة }

[ تنبيه ] ذكر في الولوالجية : رجل قال لا أكلمه إلا ناسيا فكلمه ناسيا ثم كلمه ذاكرا حنث ، بخلاف إلا أن أنسى فلا يحنث ، والفرق أنه في الأول أطلق واستثنى الكلام ناسيا فقط ، وفي الثاني وقت اليمين بالنسيان لأن قوله إلا أن بمعنى حتى فينتهي اليمين بالنسيان ( قوله وإن لم ) أي إن لم يشأ الله تعالى ، فلو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله تعالى وأنت طالق ثنتين إن لم يشأ الله تعالى لا يقع شيء ، أما في الأولى فللاستثناء ، وأما في الثانية فلأنا [ ص: 371 ] لو أوقعناه علمنا أن الله تعالى شاءه لأن الوقوع دليل المشيئة لأن كل واقع بمشيئة الله تعالى وهو علق بعدم مشيئة الله تعالى الطلاق لا بمشيئته جل وعلا فيبطل الإيقاع ضرورة بحر ، وتمام الكلام على هذه المسألة في التلويح عند الكلام على في الظرفية ( قوله وما ) أي ما شاء الله تعالى فلا يقع ، أما على كونها مصدرية ظرفية فظاهر للشك وأما على كونها موصولا اسميا فكذلك لأن المراد أنت طالق الطلاق الذي شاء الله تعالى ، ومشيئته لا تعلم فلا يقع ، إذ العصمة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك ، أفاده في النهر ( قوله وما لم يشأ ) ومعناه أنت طالق مدة عدم مشيئة الله طلاقك ، والوجه في عدم الوقوع ما ذكر في إن لم ط ( قوله لولا أبوك إلخ ) إنما كان هذا استثناء لأن لولا تدل على امتناع الجزاء الذي هو الطلاق لوجود الشرط الذي هو وجود الأب أو حسنها ط ( قوله ذكره ابن الهمام في فتواه ) كأن الشارح رأى ذلك في فتوى معزوة إلى ابن الهمام لأنا لم نسمع أن له كتاب فتاوى . والظاهر أن ذلك غير ثابت عنه لمخالفته لما ذكره في فتح القدير ، حيث قال ويتراءى خلاف في الفصل بالذكر القليل ، فإنه ذكر في النوازل لو قال : والله لا أكلم فلانا أستغفر الله إن شاء الله تعالى هو مستثنى ديانة لا قضاء وفي الفتاوى : لو أراد أن يحلف رجلا ويخاف أن يستثني في السر يحلفه ويأمره أن يذكر عقب الحلف موصولا سبحان الله أو غيره من الكلام والأوجه أن لا يصح الاستثناء بالفصل بالذكر ا هـ فهذا كما ترى صريح في أن نحو : سبحان الله عقب اليمين فاصل مبطل للاستثناء ، أما إنه استثناء فلم يقل به أحد فافهم




الخدمات العلمية