الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال لآخر يا زاني فقال الآخر ) لا ( بل أنت حدا ) لغلبة حق الله تعالى فيه ( بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال بل أنت ) لم يعزرا لأنه حقهما وقد تساويا ف ( تكافآ ) بخلاف ما سيجيء لو تشاتما بين يدي القاضي أو تضاربا لم يتكافآ لهتك مجلس الشرع ولتفاوت الضرب

التالي السابق


( قوله حدا ) أي المبتدئ والمجيب ; لأن كلا منهما قذف صاحبه ، أما الأول فظاهر وكذا الثاني ; لأن معناه لا بل أنت زان إذ هي كلمة عطف يستدرك به الغلط فيصير المذكور في الأول خبرا لما بعد بل بحر ، ولا يحدان إلا بطلبهما ولو بعد العفو والإسقاط كما مر ، وقرره في البحر خلافا لما يوهمه كلام الفتح ( قوله لغلبة حق الله تعالى ) فلو جعل قصاصا يلزم إسقاط حقه تعالى وهو لا يجوز بحر .

قلت : ولعل اشتراط الطلب ولو بعد الثبوت بالنظر إلى ما فيه من حق العبد ( قوله مثلا ) أي من كل لفظ غير موجب لحد ( قوله ما سيجيء ) أي في باب التعزير ( قوله أو تضاربا ) أي ولو في غير مجلس القاضي كما يفيده كلام البحر والتعليل المذكور ( قوله لم يتكافآ ) فيعزرهما ويبدأ بتعزير المبتدئ منهما ; لأنه أظلم كما سيجيء ( قوله لهتك مجلس الشرع ) أي هتك احترامه فلم يكن ذلك محض حقهما حتى يعتبر التساوي فيه ، وقوله ولتفاوت الضرب علة لقوله أو تضاربا ففيه لف ونشر مرتب .

[ تنبيه ] لو تشاتما بين يدي القاضي هل له العفو عنهما ؟ قال في النهر : لم أره والظاهر لا ، بخلاف قوله أخذت الرشوة من خصمي وقضيت علي فقد صرحوا بأن له أن يعفو والفرق بين . ا هـ .

مطلب هل للقاضي العفو عن التعزير قلت : وفيه نظر ; لأنهما إذا تشاتما استويا حقهما لكنهما أخلا بحرمة مجلس القاضي فبقي مجرد حقه فصار بمنزلة قوله أخذت الرشوة فله العفو . يدل عليه ما في الولوالجية : لو تشاتما بين يديه ولم ينتهيا بالنهي ، إن حبسهما وعزرهما فهو حسن لئلا يجترئ بذلك غيرهما فيذهب ماء وجه القاضي ، وإن عفا عنهما فهو حسن ; لأن العفو مندوب [ ص: 54 ] إليه في كل أمر ا هـ وسنذكر في التعزير الاختلاف في أن الإمام هل له العفو والتوفيق لصاحب القنية بأن له ذلك في الواجب حقا لله تعالى بخلاف ما كان لجناية على العبد فإن العفو فيه للمجني عليه والظاهر أن تشاتمهما عند القاضي ، وقوله أخذت الرشوة اجتمع فيه حق الشرع مع حق العبد وهو القاضي وترجح فيه حقه فكان حق عبد كما يفيده كلام الولوالجية ، وإلا لم يكن له العفو تأمل




الخدمات العلمية