الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم شرع في الحجب فقال ( ولا يحرم ستة ) من الورثة ( بحال ) ألبتة ( الأب والأم والابن والبنت ) [ ص: 780 ] أي الأبوان والولدان ( والزوجان ) وفريق يرثون بحال ، ويحجبون حجب الحرمان بحال أخرى وهم غير هؤلاء الستة سواء كانوا عصبات أو ذوي فروض وهو مبني على أصلين أحدهما ( أنه يحجب الأقرب ممن سواهم الأبعد ) لما مر أنه يقدم الأقرب فالأقرب اتحدا في السبب أم لا ( و ) الثاني ( أن من أدلى بشخص لا يرث معه ) كابن الابن لا يرث مع الابن ( إلا ولد الأم ) فيرث معها لعدم استغراقها للتركة بجهة واحدة ( والمحروم ) كابن كافر أو قاتل ( لا يحجب ) عندنا أصلا ( ويحجب المحجوب ) اتفاقا كأم الأب تحجب بالأب [ ص: 781 ] وتحجب أم أم الأم ( كالإخوة والأخوات ) فإنهم يحجبون بالأب حجب حرمان ( ويحجبون الأم من الثلث إلى السدس ) حجب نقصان ويختص حجب النقصان بخمسة بالأم وبنت الابن والأخت لأب والزوجين

التالي السابق


( قوله : ثم شرع في الحجب إلخ ) أي بعد بيان [ ص: 780 ] الوارثين من ذي فرض وعصبة ، لأن منهم من يحجب بالكلية أو عن سهم مقدر إلى أقل منه ، وهو لغة المنع مطلقا واصطلاحا منع من يتأهل للإرث بآخر عما كان له الولاء فخرج القاتل والكافر وشمل نوعي الحجب ، لأن أئمتنا اصطلحوا على تسمية ما كان المنع لمعنى في نفسه ككونه رقيقا أو قاتلا محروما ، وما كان المعنى في غيره محجوبا ، وقسموا الحجب إلى حجب حرمان ، وهو منع شخص معين عن الإرث بالكلية ، لوجود شخص آخر وحجب نقصان ، وهو حجبه من فرض مقدر إلى فرض أقل منه لوجود آخر فخرج انتقاص السهام بالعول وكذا انتقاص حصص أصحاب الفرائض بالاجتماع مع من يجانسهم عن حالة الانفراد كالزوجات مثلا ، ثم حجب الحرمان يدخل فيمن عد الستة المذكورين متنا وحجب النقصان يدخل في خمسة فقط كما سيذكره الشارح ( قوله : أي الأبوان ) أي الأب والأم دون من فوقهما لأن كلا من الجد و الجدة قد يحجب حرمانا فهما من الفريق الآخر فافهم ( قوله : والولدان ) أي الابن والبنت وثناه للمناسبة وإلا فالولد يشمل الذكر والأنثى تأمل ( قوله : سواء كانوا عصبات ) وكذا من بمعنى العصبات كذوي الأرحام ( قوله : وهو ) أي حجب الحرمان في الفريق الثاني مبني على أصلين أي مترتب وجوده على وجود مجموعهما ، فإذا وجدا أو أحدهما وجد وإلا فلا وفيه بحث يأتي قريبا ( قوله : يحجب الأقرب ) أي بحسب الدرجة أو القرابة والضمير في سواهم للستة المذكورين في المتن ( قوله : اتحدا في السبب ) كالجدات مع الأم وبنات الابن مع الصلبيتين أم لا كالإخوة مع الأب ( قوله : من أدلى ) الإدلاء لغة إرسال الدلو في البئر ، ثم استعمل في كل شيء يمكن فيه ، ولو بطريق المجاز فمعنى يدلي إلى الميت يرسل قرابته إليه بشخص والباء فيه للإلصاق ، فالقرابة مشتركة بين المدلي والواسطة ط ( قوله : كابن الابن إلخ ) مثال من العصبات ومثله من أصحاب الفروض أم الأم لا ترث مع الأم [ تنبيه ]

يرد على ما ذكره المصنف : لزوم حجب أم الأم بالأب لأنه أقرب منها وإن لم تدل به وكذا حجب بنت الابن بالبنت الواحدة الصلبية والأخت لأب بالأخت لأبوين وابن الأخ لأبوين بالأخ لأم ، فإن أجيب بأن المراد الأقرب من العصبات ورد عليه أن هذين الأصلين للفريق الثاني الذين يرثون تارة ويحرمون أخرى ، وفيهم العصبات وغيرهم ، وإن أجيب بأن المراد أن الأقرب يحجب الأبعد إذا كان الأبعد مدليا بالأقرب فلا معنى لكونهما أصلين ولزم عليه أن يرث ولد الابن مع الابن الذي ليس بأبيه فإنه لا يدلي به أفاده السيد ( قوله : بجهة واحدة ) احتراز عما لو انفردت فإنها تستغرق التركة لكن بجهتي الفرض والرد ( قوله : والمحروم ) أي من قام به مانع عن الإرث لمعنى في نفسه ( قوله : عندنا ) وعليه عامة الصحابة وعن ابن مسعود أنه يحجب نقصانا لا حرمانا كالابن الكافر مثلا مع أحد الزوجين وعنه أيضا أنه يحجب الأخ لأم بابن كافر حجب حرمان ( قوله : أصلا ) أي لا نقصانا ولا حرمانا ( قوله : ويحجب المحجوب ) أي المحجوب حرمانا يحجب غيره حرمانا ونقصانا ومثل لكل بمثال ( قوله : وتحجب أم [ ص: 781 ] أم الأم ) كذا في بعض النسخ لتكرار الأم ثلاث مرات وفي بعضها مرتين والصواب الأول ( قوله : بالأم ) فإنها تحجب من الثلث إلى السدس بالولد وولد الابن وبالعدد من الإخوة أو الأخوات ( قوله : وبنت الابن ) تحجب مع الصلبية من النصف إلى السدس ( قوله : والأخت لأب ) تحجب مع الشقيقة من النصف إلى السدس ( قوله : والزوجين ) فالزوج يحجب من النصف إلى الربع والزوجة مع الربع إلى الثمن بالولد وولد الابن




الخدمات العلمية