الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويجوز الانتفاع به في غير ما خلق له ، كالبقر للحمل أو الركوب ، والإبل والحمر للحرث ذكره [ ص: 611 ] الشيخ وغيره في الإجارة ، لأن مقتضى الملك جواز الانتفاع به فيما يمكن ، وهذا ممكن كالذي خلق له ، وجرت به عادة بعض الناس ، ولهذا يجوز أكل الخيل ، واستعمال اللؤلؤ في الأدوية ، وإن لم يكن المقصود منهما ذلك ، وقوله صلى الله عليه وسلم { بينا رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها قالت : إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث } متفق عليه ، أي أنه معظم النفع ، ولا يلزم منه منع غيره .

                                                                                                          وقال ابن حزم في الصيد : اختلفوا في ركوب البقر ، فيلزم المانع منع تحميل البقر ، والحرث بالإبل والحمر ، وإلا فلم يعمل بالظاهر ولا بالمعنى ، وروى أحمد عن سوادة بن الربيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له { إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غدا رباعهم ، ومرهم فليقلموا أظافرهم ولا يعبطوا بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا } قال أحمد فيمن شتم دابة : قال الصالحون : لا تقبل شهادته ، هذه عادته .

                                                                                                          وروى أحمد ومسلم عن عمر أنه عليه السلام كان في سفر ، فلعنت امرأة ناقة فقال : { خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة } فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد . ولهما من حديث أبي برزة { لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة }

                                                                                                          ، فيتوجه احتمال أن النهي عن مصاحبتها فقط ، ولهذا روى أحمد من حديث عائشة أنه عليه السلام أمر أن ترد .

                                                                                                          وقال : { لا يصحبني شيء ملعون } ويحتمل مطلقا من العقوبة المالية ، لينتهي الناس عن ذلك ، وهو الذي ذكره ابن هبيرة في حديث عمران ، [ ص: 612 ] ويتوجه على الأول احتمال : إنما نهى لعلمه باستجابة الدعاء . وللعلماء كهذه الأقوال .

                                                                                                          وقال ابن حامد : إذا لعن أمته أو ملكا من أملاكه فعلى مقالة أحمد يجب إخراج ذلك عن ملكه ، فيعتق العبد ويتصدق بالشيء ، لأن المرأة لعنت بعيرها ، فقال صلى الله عليه وسلم : { لا يصحبنا ملعون ، خليه } قال : وقد يجيء في الطلاق إذا قال لزوجته ذلك ولعنها مثل ما في الفرقة ، ولمسلم من حديث أبي الدرداء : { لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة } ، ولأبي داود بإسناد جيد من حديث ابن عباس : { أن رجلا نازعته الريح رداءه فلعنها ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا تلعنها فإنها مأمورة ، وأنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه } .

                                                                                                          { وسبت عائشة يهود ولعنتهم لما سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عائشة ، لا تكوني فاحشة } ، ولأحمد ومسلم { مه يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش } .

                                                                                                          وعن أبي هريرة مرفوعا : { البذاء من الجفاء . والجفاء في النار } ، وعن ابن مسعود مرفوعا : { ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء } رواهما أحمد والترمذي وصححهما . وعن أبي هريرة مرفوعا : { ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده } ، إسناده جيد ، رواه أبو داود والنسائي ، أي خدعه وأفسده ، ولأحمد مثله من حديث بريدة .

                                                                                                          وتستحب نفقته على غير حيوان ، [ ذكره في الواضح ، وهو ظاهر كلام غيره ] ، ويتوجه وجوبه لئلا يضيع ماله [ والله أعلم ] .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية