الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والأكل والشرب ) أي يفسدانها لأن كل واحد منهما عمل كثير وليس من أعمال الصلاة ولا ضرورة إليه وعلل قاضي خان وجه كونه كثيرا بقوله لأنه عمل اليد والفم واللسان قال العلامة الحلبي وهو مشكل بالنسبة إلى ما لو أخذ من خارج سمسمة فابتلعها أو وقع في فيه قطرة مطر فابتلعها فإنهم نصوا [ ص: 12 ] على فساد الصلاة في كل من هذه الصور مطلقا ا هـ .

                                                                                        أطلقه فشمل العمد والنسيان لأن حالة الصلاة مذكرة فلا يعفى النسيان بخلاف الصوم فإنه لا مذكر فيه وشمل القليل والكثير ولهذا فسره في الحاوي بقدر ما يصل إلى الحلق وقيده الشارح بما يفسد الصوم وما لا يفسد الصوم لا يبطل الصلاة ا هـ .

                                                                                        وهو ممنوع كليا فإنه لو ابتلع شيئا بين أسنانه وكان قدر الحمصة لا تفسد صلاته وفي الصوم يفسد وفرق بينهما الولوالجي وصاحب المحيط بأن فساد الصلاة معلق بعمل كثير ولم يوجد بخلاف فساد الصوم فإنه معلق بوصول المغذي إلى جوفه لكن في البدائع والخلاصة أنه لا فرق بين فساد الصلاة والصوم في قدر الحمصة وفي الظهيرية لو ابتلع دما خرج من بين أسنانه لم تفسد صلاته إذا لم يكن ملء الفم ا هـ .

                                                                                        وقالوا في باب الصوم لو خرج من بين أسنانه دم ودخل حلقه وهو صائم إن كان الغلبة للدم أو كانا سواء فطره لأن له حكم الخارج وإن كانت الغلبة للبزاق لا يضره كما في الوضوء فقد فرقوا بين الصلاة والصوم وفي الظهيرية لو قاء أقل من ملء الفم فعاد إلى جوفه وهو لا يملك إمساكه لم تفسد صلاته وإن أعاده إلى جوفه وهو قادر على أن يمجه يجب أن يكون على قياس الصوم عند أبي يوسف لا تفسد وعند محمد تفسد وإن تقيأ في صلاته إن كان أقل من ملء الفم لا تفسد وإن كان ملء الفم تفسد صلاته ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط وغيره ولو مضغ العلك كثيرا فسدت وكذا لو كان في فمه إهليلجة فلاكها فإن دخل في حلقه منها شيء يسير من غير أن يلوكها لا تفسد وإن كثر ذلك فسدت وفي الخلاصة ولو أكل شيئا من الحلاوة وابتلع عينها فدخل في الصلاة فوجد حلاوتها في فيه وابتلعها لا تفسد صلاته ولو دخل الفانيد أو السكر في فيه ولم يمضغه لكن يصلي والحلاوة تصل إلى جوفه تفسد صلاته ا هـ . وأشار بالأكل والشرب إلى أن كل عمل كثير فهو مفسد

                                                                                        واتفقوا على أن الكثير مفسد والقليل لا لإمكان الاحتراز عن الكثير دون القليل فإن في الحي حركات من الطبع وليست من الصلاة فلو اعتبر العمل مفسدا مطلقا لزم الحرج في إقامة صحتها وهو مدفوع بالنص ثم اختلفوا فيما يعين الكثرة والقلة على أقوال أحدها ما اختاره العامة كما في الخلاصة والخانية أن كل عمل لا يشك الناظر أنه ليس في الصلاة فهو كثير وكل عمل يشتبه على الناظر أن عامله في الصلاة فهو قليل قال في البدائع وهذا أصح وتابعه الشارح والولوالجي وقال في المحيط إنه الأحسن وقال الصدر الشهيد إنه الصواب وذكر العلامة الحلبي أن الظاهر أن مرادهم بالناظر من ليس عنده علم بشروع المصلي في الصلاة فحينئذ إذا رآه على هذا العمل وتيقن أنه ليس في الصلاة فهو عمل كثير وإن شك فهو قليل ثانيها إن ما يقام باليدين عادة كثير وإن فعله بيد واحدة كالتعمم ولبس القميص وشد السراويل والرمي عن القوس وما يقام بيد واحدة قليل ولو فعله باليدين كنزع القميص وحل السراويل ولبس القلنسوة ونزعها ونزع اللجام وما أشبه ذلك كذا ذكره الشارح ولم يقيد في الخلاصة والخانية ما يقام باليدين بالعرف

                                                                                        وقيد في الخانية ما يقام بيد واحدة بما إذا لم يتكرر والمراد بالتكرر ثلاث متواليات لما في الخلاصة وإن حك ثلاثا في ركن واحد تفسد صلاته هذا إذا رفع يده في كل مرة أما إذا لم يرفع في كل مرة فلا تفسد لأنه حك واحد ا هـ .

                                                                                        وهو تقييد غريب وتفصيل عجيب ينبغي حفظه لكن في الظهيرية معزيا إلى الصدر الشهيد حسام الدين لو حك موضعا من جسده ثلاث مرات بدفعة واحدة تفسد صلاته ا هـ .

                                                                                        ولم أر من صحح القول الثاني في تحديد العمل وقد يقال إنه غير صحيح فإنه لو مضغ العلك في صلاته فسدت صلاته كذا ذكره محمد كما في البدائع لأن الناظر إليه من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة وليس فيه استعمال اليد رأسا فضلا عن استعمال اليدين وكذا الأكل والشرب يعمل بيد [ ص: 13 ] واحدة وهو مبطل اتفاقا وكذا قولهم لو دهن رأسه أو سرح شعره سواء كان شعر رأسه أو لحيته تفسد صلاته لا يتخرج على أن العمل الكثير ما يقام باليدين لأن دهن الرأس وتسريح الشعر عادة يكون بيد واحدة إلا أن يريد بالدهن تناوله القارورة وصب الدهن منها بيده الأخرى وهو كذلك فإن في المحيط قال ولو صب الدهن على رأسه بيد واحدة لا تفسد وتعليل الولوالجي بأن تسريح الشعر يفعل باليدين ممنوع وأما قولهم ولو حملت صبيا فأرضعته تفسد فهو على سائر التفاسير لكن ما في الخلاصة والخانية المرأة إذا أرضعت ولدها تفسد صلاتها لأنها صارت مرضعة فشمل ما إذا حمل إليها فدفعت إليه الثدي فرضعها وأما إذا ارتضع من ثديها وهي كارهة

                                                                                        ففي الظهيرية والخلاصة والخانية إن مص ثلاثا فسدت وإن لم ينزل اللبن فإن كان مصة أو مصتين فإن نزل لبن فسدت وإلا فلا وفي المنية والمحيط إن خرج اللبن فسدت وإلا فلا من غير تقييد بعدد وصححه في معراج الدراية وأما قولهم لو ضرب إنسانا بيد واحدة أو بسوط تفسد كما في المحيط والخلاصة و الظهيرية والمنية فلا يتفرع على ما يقام باليدين بل على الصحيح لكن في الظهيرية لو ضرب دابته مرة أو مرتين لا تفسد وإن ضربها ثلاثا في ركعة واحدة تفسد قال رضي الله عنه وعندي إذا ضرب مرة واحدة وسكن ثم ضرب مرة أخرى وسكن ثم ضرب مرة أخرى لا تفسد صلاته كما قلنا في المشي ا هـ .

                                                                                        وهذا يصلح أن يتفرع على القولين وأما اعتبارهم المرات الثلاث في الحك كما قدمناه عن الخلاصة فالظاهر تفريعه على قول من فسر العمل الكثير بما تكرر ثلاثا وهو القول الثالث لا على القولين الأولين وأما قولهم لو قتل القملة مرارا إن قتل قتلا متداركا تفسد وإن كان بين القتلات فرجة لا تفسد فيصلح تفريعه على الأقوال كلها وأما قولهم لو قبل المصلي امرأته بشهوة أو بغير شهوة أو مسها بشهوة فسدت ينبغي تفريعه على القول الأصح وكذا على قول من فسر العمل الكثير بما يستفحشه المصلي وأما على اعتبار ما يفعل باليدين أو بما تكرر ثلاثا فلا وهو مما يضعفهما كما لا يخفى وكذا لو جامعها فيما دون الفرج من غير إنزال بخلاف النظر إلى فرجها بشهوة فإنه لا يفسد على المختار كما في الخلاصة وأما قولهم كما في الخانية والخلاصة لو كانت المرأة هي المصلية دونه فقبلها فسدت بشهوة أو بغير شهوة ولو كان هو المصلي فقبلته ولم يشتهها فصلاته تامة فمشكل إذ ليس من المصلي فعل في الصورتين فمقتضاه عدم الفساد فيهما فإن جعلنا تمكينه من الفعل بمنزلة فعله اقتضى الفساد فيهما وهو الظاهر على اعتبار أن العمل الكثير ما لو نظر إليه الناظر لتيقن أنه ليس في الصلاة أو ما استفحشه المصلي لكن في شرح الزاهدي

                                                                                        ولو قبل المصلية لا تفسد صلاتها وقال أبو جعفر إن كان بشهوة فسدت ا هـ .

                                                                                        وهو مخالف لما في الخلاصة والخانية مساو لتقبيله وتقبيلها وفي منية المصلي المشي في الصلاة إذا كان مستقبل القبلة لا يفسد إذا لم يكن متلاحقا ولم يخرج من المسجد وفي الفضاء ما لم يخرج عن الصفوف هذا كله

                                                                                        [ ص: 14 ] إذا لم يستدبر القبلة وأما إذا استدبرها فسدت وفي الظهيرية المختار في المشي أنه إذا أكثر أفسدها وأما قولهم كما في منية المصلي لو أخذ حجرا فرمى به تفسد ولو كان معه حجر فرمى لا تفسد وقد أساء فظاهره التفريع على الصحيح لا على تفسيره بما يقام باليدين وأما قولهم كما في الخلاصة وغيرها لو كتب قدر ثلاث كلمات تفسد وإن كان أقل لا فالظاهر تفريعه على أن الكثير ما يستكثره المبتلى به أو أنه ما تكرر ثلاثا متواليات وأما على الصحيح فالظاهر أن الفساد لا يتوقف على كتابة ثلاث كلمات بل يحصل الفساد بكتابة كلمة واحدة مستبينة على الأرض ونحوها وقد يشهد بذلك إطلاق ما في المحيط قال محمد لو كتب في صلاته على شيء فسدت وإن كتب على شيء لا يرى لا تفسد لأنه لا يسمى كتابة وأما قولهم كما في الذخيرة لو حرك رجلا لا على الدوام لا تفسد وإن حرك رجليه تفسد فمشكل لأن الظاهر أن تحريك اليدين في الصلاة لا يبطلها حتى يلحق بهما تحريك الرجلين

                                                                                        والأوجه قول بعضهم إنه إن حرك رجليه قليلا لا تفسد وإن كان كثيرا فسدت كما في الذخيرة أيضا ولعله مفوض إلى ما يعده العرف قليلا أو كثيرا وفي الظهيرية إذا تخمرت المرأة فسدت صلاتها ولو أغلق الباب لا تفسد وإن فتح الباب المغلق تفسد وإن نزع القميص لا تفسد ولو لبس تفسد ولو شد السراويل تفسد ولو فتح لا تفسد ومن أخذ عنان دابته أو مقودها وهو نجس إن كان موضع قبضه نجسا لم يجز وإن كان النجس موضعا آخر جاز وإن كان يتحرك بتحركه هو المختار وإن جذبته الدابة حتى أزالته عن موضع سجوده تفسد ولو آذاه حر الشمس فتحول إلى الظل خطوة أو خطوتين لا تفسد وقيل في الثلاث كذلك والأول أصح ولو رفع رجل المصلي عن مكانه ثم وضعه من غير أن يحوله عن القبلة لا تفسد ولو وضعه على الدابة تفسد ولو زر قميصا أو قباء فسدت لا إن حله وإن ألجم دابة فسدت لا إن خلعه ولو لبس خفيه فسدت لا إن تنعل أو خلع نعليه كما لو تقلد سيفا أو نزعه أو ووضع الفتيلة في مسرجة أو تروح بمروحة أو بكمه أو سوى من عمامته كورا أو كورين أو لبس قلنسوة أو بيضة

                                                                                        والحاصل أن فروعهم في هذا الباب قد اختلفت ولم تتفرع كلها على قول واحد بل بعضها على قول وبعضها على غيره كما يظهر للمتأمل والظاهر أن أكثرها تفريعات المشايخ لم تكن منقولة عن الإمام الأعظم ولهذا جعل الاختلاف في حد العمل الكثير والقليل في التجنيس إنما هو بين المشايخ وقد ذكرنا من الأقوال أربعة وذكروا قولا خامسا وهو أن العمل الكثير ما يكون مقصودا للفاعل بأن أفرد له مجلسا على حدة ولقد صدق من قال كثرة المقالات تؤذن بكثرة الجهالات ولقد صدق صاحب الفتاوى الظهيرية حيث قال في الفصل الثالث في قراءة القرآن إن كل ما لم يرو عن أبي حنيفة فيه قول بقي كذلك مضطربا إلى يوم القيامة كما حكي عن أبي يوسف أنه كان يضطرب في بعض المسائل وكان يقول كل مسألة ليس لشيخنا فيها قول فنحن فيها هكذا ا هـ .

                                                                                        وإلى هنا تبين أن المفسد للصلاة كلام الناس مطلقا والعمل الكثير ومن المفسد الموت والارتداد بالقلب والجنون والإغماء وكل حدث عمد وما أوجب الغسل كالاحتلام والحيض [ ص: 15 ] ومحاذاة المرأة بشروطه وترك ركن من غير قضاء أو شرط لغير عذر وأما استخلاف القارئ للأمي والفتح على غير إمامه فداخل تحت العمل الكثير

                                                                                        وأما ترك القعدة الأخيرة مع التقييد بالسجدة وقدرة المومئ على الركوع والسجود وتذكر صاحب الترتيب الفائتة فيها وطلوع الشمس في الفجر ودخول وقت العصر في الجمعة ونظائرها فمما يفسد وصف الفرضية لا أصل الصلاة وأما فسادها بتقدم الإمام أمام المصلي أو طرحه في صف النساء أو في مكان نجس أو سقوط الثوب عن عورته مع التعمد مطلقا ومع أداء ركن إن لم يتعمد علم أو لم يعلم ومع المكث قدره إن لم يؤد عند أبي حنيفة ومحمد كما في الظهيرية فراجع إلى فوت الشرط كما لا يخفى

                                                                                        [ ص: 12 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 12 ] ( قوله لكن في البدائع والخلاصة ) استدراك على ما قبله مفيد لدفع المنع ( قوله وفي الظهيرية لو ابتلع دما خرج من بين أسنانه ) ظاهر الإطلاق هنا والتفصيل فيما يأتي أنه لا فرق بين الغالب والمغلوب لكن إذا كان غالبا يكون من مسائل سبق الحدث وهو لا ينافي عدم الفساد ( قوله ولم أر من صحح القول الثاني ) قال الشيخ إسماعيل بعد ذكر الدرر هذا القول الثاني وهو اختيار الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل كذا في الخانية والخلاصة وقدمه جازما به في المجموع واقتصر عليه العتابي وفي عمدة المفتي ثم قال بل ظاهر ما في الحاوي آخرا التفريع عليه ( قوله وقد يقال إنه غير صحيح إلخ ) قال في النهر لا يخفى أن قيد الحيثية مراعى فمعنى ما يعمل باليدين كثير أي من حيث إنه يعمل بهما ا هـ .

                                                                                        لكن على هذا يبقى مضغ العلك غير معلوم الحكم ولا مانع من اعتبار شيء آخر على هذا القول يدخله ( قوله لو مضغ العلك في صلاته فسدت إلخ ) أي إذا كان المضغ كثيرا كما في التجنيس [ ص: 13 ] ( قوله يكون بيد واحدة ) سيأتي ( قوله إلا أن يراد بالدهن تناوله إلخ ) ويبقى الكلام في التسريح والجواب تعليل صاحب الهداية له بقوله في التجنيس لأنه يقوم باليدين غالبا ( قوله وأما إذا ارتضع من ثديها ) كذا في بعض النسخ بأما الشرطية وفي بعضها وما إذا بدون همزة وعليها يتوجه قول النهر هذا سهو ظاهر وأنى يقال ارتضاعه من غير فعل منها أنها أرضعته ا هـ ويؤيد النسخة الأولى أن المعنى عليها وذكر الفاء في جواب أما

                                                                                        ( قوله وأما قولهم كما في الخانية والخلاصة إلى قوله فمشكل ) قال في الفتح بعد نقله ذلك عن الخلاصة والله تعالى أعلم بوجه الفرق وفي النهر وعلى ما في الخلاصة قد فرق بأن الشهوة لما كانت في النساء أغلب كان تقبيله مستلزما لاشتهائها عادة بخلاف تقبيلها ا هـ .

                                                                                        ومثله في شرح العلامة المقدسي بزيادة وعبارته وفتح الله سبحانه وتعالى به وهو أن الشهوة غالبة على النساء فهي في حكم الموجودة منها ولهذا حرم نظر الرجل إليها عند غلبة ظنه بالشهوة أو الشك قالوا لتحقق الشهوة منها حكما وإذا ثبت ذلك كان كثير عمل لوقوعه بين متفاعلين وإذا قبلته ولم يشته لم يوجد من جانبه أصلا ويوشح هذا ما مر من اعتبار نزول اللبن كثير عمل ا هـ .

                                                                                        لكن ذكر الباقاني في شرح الملتقى ما لا يحتاج معه إلى هذا التكلف حيث قال أقول : عبارة الخلاصة لو كانت المرأة في الصلاة فجامعها زوجها تفسد صلاتها وإن لم ينزل مني وكذا لو قبلها بشهوة أو بغير شهوة أو مسها لأنه في معنى الجماع أما لو قبلت المرأة المصلي ولم يشتهها لم تفسد صلاته هذه عبارة الخلاصة فالعجب من هذا العلامة الإمام ابن الهمام كيف غفل عن الفرق المذكور في هذا المقام ا هـ .

                                                                                        قلت وبهذا التعليل علل في التجنيس ( قوله وفي الفضاء ما لم يخرج عن الصفوف ) أقول : قال في التجنيس رجل صلى في الصحراء فتأخر عن موضع قيامه المختار أنه لا تفسد صلاته ويعتبر مقدار سجوده من خلفه وعن يمينه وعن يساره كما في وجه القبلة سواء فما لم يتأخر عن هذا الموضع لم يتأخر عن المسجد فلا تفسد [ ص: 14 ] صلاته ولو خط حوله خطا ولم يخرج من الخط لكن تأخر عما ذكرنا من الموضع فسدت لأن الخط ليس بشيء . ا هـ .

                                                                                        ( قوله ولو أغلق الباب لا تفسد إلخ ) قال في التجنيس والمزيد لو فتح بابا أو أغلقه فدفعه بيده من غير معالجة بمفتاح غلق أو قفل كره ذلك ولا تفسد صلاته لأنه عمل قليل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا أغلق تفسد تأويله إذا كان فيه يحتاج إلى معالجة . ا هـ . ( قوله ومن أخذ عنان دابته إلخ ) لا دخل لهذا الفرع هنا

                                                                                        ( قوله والحاصل أن فروعهم في هذا الباب قد اختلفت إلخ ) أقول : يمكن أن يقال لما رأى مشايخ المذهب الفروع المذكورة فكل منهم عرف العمل الكثير بتعريف ينطبق على ما رآه من الفروع وبضم التعاريف إلى بعضها تنتظم الفروع جميعا بأن يقال العمل الكثير هو ما لا يشك الناظر إليه أنه ليس في الصلاة أو ما كان بحركات متوالية أو ما كان يعمل باليدين أو ما يستكثره المبتلى به أو ما يكون مقصودا للفاعل بأن أفرد له مجلسا على حدة لكن يمكن إدخال سائر الفروع في الأولين والاستغناء بهما عن الثلاثة الباقية فتأمل فيما ذكرناه من التوفيق فإن فيه إحسان الظن بمشايخ المذهب فإن هذه الفروع وإن لم تكن كلها منقولة عن الإمام الأعظم لكن المشايخ خرجوا بعضها على المنقول لا بمجرد الرأي وما كان مخرجا على المذهب من أهل التخريج فهو داخل في المذهب هذا ما ظهر لفكري القاصر والله سبحانه وتعالى أعلم ثم رأيت العلامة الشيخ إبراهيم الحلبي في شرحه على المنية ذكر ما ذكرته حيث قال وأكثر الفروع أو جميعها مخرج على أحد الطريقين الأولين

                                                                                        والظاهر أن ثانيهما ليس خارجا عن الأول لأن ما يقام باليدين عادة يغلب ظن الناظر أنه ليس في الصلاة وكذا قول من اعتبر التكرار إلى ثلاث متوالية فإن التكرار يغلب الظن بذلك فلذا اختاره جمهور المشايخ . ا هـ . ( قوله وذكروا قولا خامسا وهو إلخ ) قال في التتارخانية عن المحيط [ ص: 15 ] وهذا القائل يستدل بامرأة صلت فلمسها زوجها أو قبلها بشهوة تفسد صلاتها وكذا إذا مص صبي ثديها وخرج اللبن تفسد صلاتها ( قوله وأما فسادها بتقدم الإمام أمام المصلي ) كذا في النسخ والظاهر أن فيه تقديما وتأخيرا من الناسخ وأصل العبارة بتقدم المصلي أمام الإمام




                                                                                        الخدمات العلمية