الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2569 ( وقول الشعبي بوقية أكثر ، الاشتراط أكثر وأصح عندي قاله أبو عبد الله )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا من كلام البخاري ، أي قول عامر الشعبي بوقية أكثر من غيره في الروايات ، ووقع في بعض النسخ بعد هذا الاشتراط أكثر وأصح عندي ، قاله أبو عبد الله ، وقد مر هذا فيما مضى عن قريب ، وأبو عبد الله هو البخاري ، واعلم أنك رأيت في قصة جابر هذا الاختلاف في ثمن الجمل المذكور فيها ، فروى أوقية ، وروي أربعة دنانير ، وروي أوقية ذهب ، وروي أربع أواق ، وروي خمس أواق ، وروي مائتا درهم ، وروي " عشرون دينارا " ، هذا كله في رواية البخاري ، وروى أحمد والبزار من حديث أبي المتوكل عن جابر : " ثلاثة عشر دينارا " ، وهذا اختلاف عظيم ، والثمن في نفس الأمر واحد منها ، والرواة كلهم عدول ، فقال الإسماعيلي : ليس اختلافهم في قدر الثمن بضائر ; لأن الغرض الذي سيق الحديث لأجله بيان كرمه صلى الله عليه وسلم وتواضعه وحنوه على أصحابه وبركة دعائه وغير ذلك ، ولا يلزم من وهم بعضهم في قدر الثمن توهين لأصل الحديث .

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي : اختلفوا في ثمن الجمل اختلافا لا يقبل التلفيق ، وتكلف ذلك بعيد عن التحقيق ، وهو مبني على أمر لم يصح نقله ولا استقام ضبطه ، مع أنه لا يتعلق بتحقيق ذلك حكم ، وإنما يحصل من مجموع الروايات أنه باعه البعير بثمن معلوم بينهما ، وزاد عند الوفاء زيادة معلومة ، ولا يضر عدم العلم بتحقيق ذلك ، وقال الكرماني في وجه التوفيق: وقية الذهب قد تساوي مائتي درهم المساوية لعشرين دينارا على حساب الدينار بعشرة ، وأما وقية الفضة فهي أربعون درهما المساوية لأربعة دنانير ، وأما أربعة أواق فلعله اعتبر اصطلاح أن كل وقية عشرة دراهم فهي أيضا وقية بالاصطلاح الأول ، والكل راجع [ ص: 298 ] إلى وقية ، ووقع الاختلاف في اعتبارها كما وكيفا ، وقال عياض : قال أبو جعفر الداودي : ليس لوقية الذهب وزن معلوم ، وأوقية الفضة أربعون درهما ، قال : وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى وهو جائز ، والمراد أوقية الذهب كما وقع به العقد وعنى أواقي الفضة كما حصل به إنفاذه ، ويحتمل هذا كله زيادة على الأوقية كما ثبت في الروايات أنه قال : وزادني ، وأما رواية أربعة دنانير فموافقة أيضا لأنه يحتمل أن يكون أوقية الذهب حينئذ وزن أربعة دنانير ، ورواية عشرين دينارا محمولة على دنانير صغار كانت لهم ، وأما رواية أربع أواق شك فيه الراوي فلا اعتبار بها ، وفوائد الحديث مر ذكرها في الاستقراض .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية