الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2665 36 - حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس ، ولقد فزع أهل المدينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم سبقهم على فرس وقال : وجدناه بحرا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " وأشجع الناس " أي : في الحرب ، وفسر ذلك بقوله : " ولقد فزع أهل المدينة " إلى آخره . وأحمد بن عبد الملك بن واقد ، بالقاف وبالدال المهملة ، الحراني ، بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وبالنون ، مر في كتاب الصلاة في باب الخدم للمسجد ، إلا أنه نسبه ثمة إلى جده . والحديث أخرجه البخاري أيضا عن سليمان بن حرب وقتيبة فرقهما في الجهاد ، وأخرجه أيضا في الأدب عن عمرو بن ميمون . وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم عن يحيى بن يحيى وسعيد بن منصور ، وأبي الربيع وأبي كامل . وأخرجه الترمذي في الجهاد عن قتيبة . وأخرجه النسائي في السير عن قتيبة ، وفي اليوم والليلة عن أبي صالح محمد بن زنبور المكي . وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن أحمد بن عبدة الضبي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فزع " بكسر الزاي ، يقال : فزع يفزع فزعا ، أي : خاف أهل المدينة ، وفي رواية " ليلا " . قوله : " سبقهم على فرس " يقال له مندوب كان لأبي طلحة ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . قوله : " وجدناه بحرا " أي : كالبحر واسع الجري ، وفيه استعمال المجاز حيث شبه الفرس بالبحر لأن الجري منه لا ينقطع كما لا ينقطع ماء البحر ، وأول من تكلم بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفيه استعارة الدواب للحرب وغيره ، وركوب الدابة عريانا لاستعجال الحركة ، ثم إنه ذكر في الحديث ثلاثة أشياء من صفات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهي : الأحسنية ، والأشجعية ، والأجودية . قال : حكماء الإسلام : للإنسان قوى ثلاث ; العقلية والغضبية والشهوية ، وكمال القوة الغضبية الشجاعة ، وكمال القوة الشهوية الجود ، وكمال القوة العقلية الحكمة ، والأحسن إشارة إليه لأن حسن الصورة تابع لاعتدال المزاج ، واعتدال المزاج تابع لصفاة النفس الذي به جودة القريحة ، وهذه الثلاث هي أمهات الأخلاق .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية