الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5705 80 - حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن الأعمش، قال: سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة. ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين، فغرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا، ثم قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 128 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 128 ] مطابقته للترجمة مع أنها في الغيبة والحديث في النميمة؛ من حيث إن الجامع بينهما ذكر ما يكرهه المقول فيه بظهر الغيب. قاله ابن التين. وقال الكرماني: إن النميمة نوع من الغيبة؛ لأنه لو سمع المنقول عنه أنه نقل عنه لغمه، وقيل: يحتمل أن يكون أشار إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الغيبة صريحا، وهو ما أخرجه في (الأدب المفرد) من حديث جابر قال: " كنا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأتى على قبرين.." فذكر نحو حديث الباب، وقال فيه: " أما أحدهما فكان يغتاب الناس" وأخرجه أحمد والطبراني بإسناد صحيح، عن أبي بكرة قال: " مر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقبرين، فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، وبكى ". وفيه: " وما يعذبان إلا في الغيبة والبول " ولأحمد والطبراني أيضا من حديث يعلى بن شبابة أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مر على قبر يعذب صاحبه فقال: " إن هذا كان يأكل لحوم الناس.." الحديث، وقال بعضهم: الظاهر اتحاد القصة ويحتمل التعدد، قلت: الظاهر أن الأمر بالعكس.

                                                                                                                                                                                  ويحيى في الإسناد إما ابن موسى الحداني، بضم الحاء المهملة وتشديد الدال وبالنون، وإما ابن جعفر البلخي. ووكيع هو ابن الجراح الرواسي أبو سفيان الكوفي، وهو من أصحاب أبي حنيفة وأخذ عنه كثيرا. والأعمش سليمان.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب الطهارة في باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله، ومضى الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لا يستتر"؛ أي: لا يخفى عن أعين الناس عند قضاء الحاجة. قوله: " بالنميمة" هي نقل الكلام على سبيل الإفساد. قوله: " بعسيب" بفتح العين المهملة وكسر السين المهملة وهو سعف لم ينبت عليه الخوص، وقيل: هو قضيب النخل. قوله: " ما لم ييبسا" وجه التأقيت فيه هو محمول على أنه صلى الله عليه وسلم سأل الشفاعة لهما فأجيبت شفاعته بالتخفيف عنهما إلى يبسهما، وفيه وجوه أخرى تقدمت هناك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية