الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1749 421 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخل مكة وعلى رأسه المغفر، فلو كان محرما لكان يدخل وهو مكشوف الرأس، والترجمة في دخول مكة بغير إحرام، وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في اللباس، عن أبي الوليد الطيالسي [ ص: 206 ] وفي الجهاد عن إسماعيل بن أبي أويس، وفي المغازي عن يحيى بن قزعة، وأخرجه مسلم في المناسك عن القعنبي، ويحيى بن يحيى، وقتيبة، كلهم عن مالك، وأخرجه أبو داود في الجهاد عن القعنبي به، وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة به، وفي الشمائل عن عيسى بن أحمد، عن ابن وهب، عن مالك، وأخرجه النسائي في الحج عن قتيبة به، وعن عبيد الله بن فضالة، عن الحميدي، عن سفيان بن عيينة عنه به مختصرا، وفي السير عن محمد بن سلمة، عن ابن القاسم عنه بتمامه، وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن هشام بن عمار، وسويد بن سعيد، كلاهما عنه به.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما قيل في هذا الحديث)، وهذا الحديث عد من أفراد مالك، تفرد بقوله: " وعلى رأسه المغفر"، كما تفرد بحديث: " الراكب شيطان"، وبحديث: " السفر قطعة من العذاب"، وقال الدارقطني: قد أوردت أحاديث من رواه عن مالك في جزء مفرد، وهم نحو من مائة وعشرين رجلا، أو أكثر، منهم: السفيانان، وابن جريج، والأوزاعي، وقال أبو عمر : هذا حديث تفرد به مالك، ولا يحفظ عن غيره ولم يروه عن ابن شهاب سواء من طريق صحيح، وقد روي عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمه عن أنس، ولا يكاد يصح، وروي من غير هذا الوجه، ولا يثبت أهل العلم فيه إسنادا غير حديث مالك.

                                                                                                                                                                                  ورواه أيضا أبو أويس، والأوزاعي عن الزهري، وروى محمد بن سليم بن الوليد العسقلاني عن محمد بن السري، عن عبد الرزاق، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أنس دخل النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح وعليه عمامة سوداء ومحمد بن سليم لم يكن ممن يعتمد عليه، وتابعه على ذلك بهذا الإسناد الوليد بن مسلم، ويحيى الوحاظي، ومع هذا فإنه لا يحفظه عن مالك في هذا، إلا المغفر.

                                                                                                                                                                                  قال أبو عمر: وروي من طريق أحمد بن إسماعيل، عن مالك، عن أبي الزبير، " عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم- دخل مكة وعليه عمامة سوداء"، ولم يقل: عام الفتح، وهو محفوظ من حديث جابر، زاد مسلم في صحيحه: " بغير إحرام".

                                                                                                                                                                                  قال: وروى جماعة، منهم بشر بن عمران الزهراني، ومنصور بن سلمة الخزاعي حديث المغفر، فقالا: مغفر من حديد، ومنصور وبشر ثقتان، وتابعهما على ذلك جماعة ليسوا هناك، وكذا رواه أبو عبيدة بن سلام، عن ابن بكير، عن مالك، ورواه روح بن عبادة بإسناده هذا، وفيه زيادة: " وطاف وعليه المغفر"، ولم يقله غيره.

                                                                                                                                                                                  ورواه عبد الله بن جعفر المديني، عن مالك، عن الزهري، " عن أنس قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح مكة وعلى رأسه مغفر، واستلم الحجر بمحجن"، وهذا لم يقله عن مالك غير عبد الله هذا، وروى داود بن الزبرقان، عن معمر ومالك، جميعا عن ابن شهاب، " عن أنس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دخل عام الفتح في رمضان وليس بصائم ، وهذا اللفظ ليس بمحفوظ بهذا الإسناد لمالك من هذا الوجه، وقد روى سويد بن سعيد، عن مالك، عن ابن شهاب، " عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح غير محرم وتابعه على ذلك عن مالك إبراهيم بن علي المقرئ، وهذا لا يعرف هكذا إلا بهما، وإنما هو في الموطأ عند جماعة الرواة من قول ابن شهاب لم يرفعه إلى أنس.

                                                                                                                                                                                  وقال الحاكم في الإكليل: اختلفت الروايات في لبسه صلى الله عليه وسلم العمامة والمغفر يوم الفتح، ولم يختلفوا أنه دخلها وهو حلال.

                                                                                                                                                                                  قال: وقال بعض الناس: العمامة كالمغفر على الرأس، ويؤيد ذلك حديث جابر المذكور آنفا، قال: وهو وإن صححه مسلم وحده فالأول، يعني حديث أنس، مجمع على صحته، والدليل على أن المغفر غير العمامة قوله: " من حديد" فبان بهذا أن حديث المغفر من حديد أثبت من العمامة السوداء؛ لأن راويها أبو الزبير.

                                                                                                                                                                                  وقال عمرو بن دينار: أبو الزبير يحتاج إلى دعامة، وقد روى عمرو بن حريث، ومزيدة، وعنبسة صاحب الألواح، عن عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس العمامة السوداء" ولا يصح منها، وإنما لبس البياض وأمر به.

                                                                                                                                                                                  (قلت): روى مسلم من طرق من حديث أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخل مكة يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء"، ومن طريق جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه قال: " كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه"، وقال ابن السدي: إن ابن العربي قال حين قيل له: لم يروه إلا مالك: قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك، واتهموه في ذلك، ونسبوه إلى المجازفة، وقد أخطأوا في ذلك؛ لقلة اطلاعهم في هذا الباب، وعدم وقوفهم على ما وقف عليه ابن العربي، وقال شيخنا زين الدين - رحمه الله- حين قيل له: تفرد به الزهري، عن مالك: إنه قد ورد من طريق ابن أخي الزهري، وأبي أويس، ومعمر، والأوزاعي، وقال: إن رواية ابن أخي الزهري عند البزار، ورواية أبي أويس عند ابن سعد، وابن عدي، ورواية معمر ذكرها ابن عدي، ورواية الأوزاعي ذكرها المزي، وقيل: يقال: إنه يحمل قول من قال: تفرد به مالك [ ص: 207 ] يعني بشرط الصحة، وليس طريق غير طريق مالك في شرط الصحة، فافهم.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: " عن أنس" في رواية أبي أويس عند ابن سعد، أن أنس بن مالك حدثه، قوله: " وعلى رأسه المغفر" بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء، قال ابن سيده: المغفر والمغفرة والغفارة: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، وقيل: هو رفرف البيضة، وقيل: هو حلق يتقنع به المتسلح، وقال ابن عبد البر: هو ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة وشبهها، من حديد كان ذلك أو غيره، وفي المشارق هو ما يجعل من فضل درع الحديد على الرأس مثل القلنسوة.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): روى زيد بن الحباب، عن مالك: " يوم الفتح وعليه مغفر من حديد"، أخرجه الدارقطني في الغرائب، والحاكم في الإكليل، وقد مر عن مسلم: " دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء"، وبين الروايتين تعارض.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قال أبو عمر: ليس عندي تعارض؛ فإنه يمكن أن يكون على رأسه عمامة سوداء وعليها المغفر، فلا يتعارض الحديثان، وذكر أبو العباس أحمد بن طاهر الداني في كتابه أطراف الموطأ: لعل المغفر كان تحت العمامة، وقال القرطبي: يكون نزع المغفر عند انقياد أهل مكة، ولبس العمامة بعده، ومما يؤيد هذا خطبته وعليه العمامة؛ لأن الخطبة إنما كانت عند باب الكعبة بعد تمام الفتح.

                                                                                                                                                                                  وقيل في الجواب عن ذلك: إن العمامة السوداء كانت ملفوفة فوق المغفر، وكانت تحت وقاية لرأسه من صدى الحديد، فأراد أنس بذكر المغفر كونه دخل متأهبا للحرب، وأراد جابر بذكر العمامة كونه دخل غير محرم.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فلما نزعه" ؛ أي: فلما قلعه، والضمير المنصوب يرجع إلى المغفر، قوله: " جاءه رجل" ، وهو أبو برزة الأسلمي، بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الزاي، واسمه نضلة بن عبيد، وجزم به الكرماني، والفاكهي في شرح العمدة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ابن خطل" مبتدأ أو خبره، وهو قوله: " متعلق بأستار الكعبة" ، والجملة مقول لقوله: " قال"؛ أي: قال ذلك الرجل، واسم ابن خطل عبد الله، وقيل: هلال، وليس بصحيح، وهلال اسم أخيه، صرح بذلك الكلبي في النسب، والأصح أن اسمه كان عبد العزى في الجاهلية، فلما أسلم سمي عبد الله، وقيل: هو عبد الله بن هلال بن خطل، وقيل: غالب بن عبد الله بن خطل، واسم خطل عبد مناف من بني تميم بن فهر بن غالب، وخطل لقب عليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فقال: اقتلوه" ؛ أي: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: اقتلوه؛ أي: ابن خطل، فقتل.

                                                                                                                                                                                  واختلف في اسم قاتله فقيل: قتله أبو برزة، وقيل: سعيد بن حريث المخزومي، وقيل: زبير بن العوام، وجزم ابن هشام في السيرة بأن سعيد بن حريث وأبا برزة الأسلمي اشتركا في قتله، وفي حديث سعيد بن يربوع عند الحاكم والدارقطني، أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- قال: " أربعة لا أؤمنهم في حل ولا حرم: الحويرث بن نقيد، بضم النون وفتح القاف مصغر، وهلال بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن أبي سرح، قال: فأما هلال بن خطل فقتله الزبير".

                                                                                                                                                                                  وروى البزار، والبيهقي في الدلائل نحوه من حديث سعد بن أبي وقاص، لكن قال: " أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة" لكن قال: عبد الله بن خطل بدل هلال، وقال: عكرمة بدل الحويرث، ولم يسم المرأتين، وقال: فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا، وكان أثبت الرجلين فقتله.

                                                                                                                                                                                  وروى ابن أبي شيبة، والبيهقي في الدلائل من طريق الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس "أمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الناس يوم فتح مكة إلا أربعة من الناس: عبد العزى بن خطل، ومقيس بن صبابة الكناني، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأم سارة، فأما عبد العزى بن خطل فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة"، وقال أبو عمر: فقتل بين المقام وزمزم. وروى الحاكم من طريق أبي معشر، عن يوسف بن يعقوب، عن السائب بن زيد قال: فأخذ عبد الله بن خطل من تحت أستار الكعبة، فقتل بين المقام وزمزم، وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي عثمان النهدي أن أبا برزة الأسلمي قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، ورواه أحمد من وجه آخر وهو أصح ما ورد في تعيين قاتله، وبه جزم البلاذري وغيره، وأهل العلم بالأخبار، وتحمل بقية الروايات على أنهم ابتدروا قتله، فكان المباشر لقتله أبو برزة.

                                                                                                                                                                                  وقد جمع الواقدي عن شيوخه أسماء من لم يؤمن يوم الفتح، وأمر بقتله عشرة أنفس: ستة رجال، وأربع نسوة، والسبب في قتل ابن خطل، وعدم دخوله في قوله: " من دخل المسجد فهو آمن" ما رواه ابن إسحاق في المغازي: " حدثني عبد الله بن أبي بكر وغيره، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم [ ص: 208 ] حين دخل مكة قال: لا يقتل أحد إلا من قاتل، إلا نفرا سماهم، فقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم تحت أستار الكعبة، منهم عبد الله بن خطل، وعبد الله بن سعد"، وإنما أمر بقتل ابن خطل؛ لأنه كان مسلما، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مصدقا، وبعث معه رجلا من الأنصار، وكان معه مولى يخدمه، وكان مسلما فنزل منزلا، فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع له طعاما، ونام واستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله، ثم ارتد مشركا، وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو عمر: لأنه كان أسلم وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مصدقا، وبعث معه رجلا من الأنصار، وأمر عليهم الأنصاري، فلما كان ببعض الطريق وثب على الأنصاري فقتله، وذهب بماله.

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب التلويح: وروينا في مجالس الجوهري أنه كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم وكان إذا نزل "غفور رحيم" يكتب "رحيم غفور"، وإذا أنزل "سميع عليم" يكتب "عليم سميع"، وذكره بإسناده إلى الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي رضي الله تعالى عنه. وفي التوضيح: وكان يقال لابن خطل: ذا القلبين، وفيه نزل قوله: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه في رواية يونس، عن ابن إسحاق لما قتل، يعني ابن خطل، قال سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم"، وقيل: قال هذا في غيره وهو الأكثر، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه) من ذلك أن الحديث فيه دلالة على جواز دخول مكة بغير إحرام.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم كان محرما، ولكنه غطى رأسه لعذر.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قد مر في حديث مسلم، عن جابر أنه لم يكن محرما.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت) يشكل هذا من وجه آخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان متأهبا للقتال، ومن كان هذا شأنه جاز له الدخول بغير إحرام.

                                                                                                                                                                                  (قلت): حديث جابر أعم من هذا، فمن لم يرد نسكا جاز دخوله لحاجته، تكرر؛ كالحطاب، والحشاش، والسقاء، والصياد، وغيرهم، أم لم يتكرر؛ كالتاجر، والزائر وغيرهما، وسواء كان آمنا أو خائفا، وقال النووي: وهذا أصح القولين للشافعي، وبه يفتي أصحابه.

                                                                                                                                                                                  والقول الثاني: لا يجوز دخولها بغير إحرام إن كانت حاجته لا تكرر، إلا أن يكون مقاتلا له أو خائفا من قتال، أو من ظالم لو ظهر، ونقل القاضي نحو هذا عن أكثر العلماء. انتهى.

                                                                                                                                                                                  واحتج أيضا من أجاز دخولها بغير إحرام أن فرض الحج مرة في الدهر، وكذا العمرة، فمن أوجب على الداخل إحراما فقد أوجب عليه غير ما أوجب الله.

                                                                                                                                                                                  ومنه استدلال بعضهم بحديث الباب على أن النبي - صلى الله عليه وسلم- فتح مكة عنوة، وهو قول أبي حنيفة والأكثرين، وقال الشافعي وغيره: فتحت صلحا، وتأولوا هذا الحديث على أن القتال كان جائزا له صلى الله عليه وسلم في مكة، ولو احتاج إليه لفعله، ولكن ما احتاج إليه، وقال النووي: كان - صلى الله عليه وسلم- صالحهم، ولكن لما لم يأمن غدرهم دخل متأهبا.

                                                                                                                                                                                  (قلت): لا يعرف في شيء من الأخبار صريحا أنه صالحهم.

                                                                                                                                                                                  ومنه استدلال بعضهم على جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكة، قلنا: قال الله تعالى: ومن دخله كان آمنا ومتى تعرض إلى من التجأ به يكون سلب الأمن عنه، وهذا لا يجوز، وكان قتل ابن خطل في الساعة التي أحلت للنبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  ومنه استدلال جماعة من المالكية على جواز قتل من سب النبي - صلى الله عليه وسلم- وأنه يقتل ولا يستتاب، وقال أبو عمر: فيه نظر؛ لأن ابن خطل كان حربيا، ولم يدخله رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- في أمانه لأهل مكة، بل استثناه مع من استثنى.

                                                                                                                                                                                  ومنه مشروعية لبس المغفر وغيره من آلات السلاح حال الخوف من العدو، وأنه لا ينافي التوكل.

                                                                                                                                                                                  ومنه جواز رفع أخبار أهل الفساد إلى ولاة الأمر، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة، ولا النميمة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية