الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9024 - من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه (حم خ د ت) عن أبي هريرة - (صح)

التالي السابق


(من لم يدع) يترك (قول الزور) الكذب والميل عن الحق (والعمل به) أي بمقتضاه مما نهى الشرع عنه، زاد البخاري "في الأدب والجهل"، وزاد ابن وهب "في الصوم"، وعليه فإفراد الضمير لاشتراكهما في تنقيص الصوم، ذكره العراقي (فليس لله حاجة) قال ابن الكمال: هذا وما أشبهه يتفرع على الكناية كقوله تعالى إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة أي ليس له اعتبار عند الله اهـ. وأصله قول الزين العراقي: فليس لله حاجة في كذا: أي ليس مطلوبا له، [ ص: 224 ] فكنى به عن طلبه تعالى لذلك تجوزا؛ إذ الطلب في الشاهد إنما يكون غالبا عن حاجة الطالب (في أن يدع) أي يترك (طعامه وشرابه) فهو مجاز عن الرد وعدم القبول، قال البيضاوي : فنفى السبب وأراد المسبب، وإلا فهو سبحانه لا يحتاج إلى شيء؛ وذلك لأن الغرض من إيجاب الصوم ليس نفس الجوع والظمإ، بل ما يتبعه من كسر الشهوة، وإطفاء ثائرة الغضب، وقمع النفس الأمارة وتطويعها للنفس المطمئنة، فوجوده بدون ذلك كعدمه، ذكره كله البيضاوي رحمه الله تعالى، فإن قيل: فيلزم الصائم القضاء إذا كذب قلنا: سقوط القضاء من أحكام الدنيا، وهي تعتمد وجود الأركان والشرائط، ولا خلل فيها فلا قضاء، وأما عدم القبول فمعناه عدم استحقاق الفاعل الثواب في الآخرة أو نقصانه، وذلك يعتمد اشتماله على الكمالات المقصودة، وقول ابن بطال رحمه الله تعالى: معنى قوله "حاجة" أي إرادة في صيامه، فوضع الحاجة موضع الإرادة، رد بأنه لو لم يرد الله تركه لم يقع، وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور، بل التحذير من قوله، وفيه -كما قال الطيبي- دليل على أن الكذب والزور أصل الفواحش ومعدن النواهي، بل قرين الشرك، قال تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور وقد علم أن الشرك مضاد الإخلاص، وللصوم مزيد اختصاص بالإخلاص، فيرتفع بما يضاده

(حم خ د ت هـ عن أبي هريرة ) ولم يخرجه مسلم .



الخدمات العلمية