الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9865 - لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدا فتخلفه (ت) عن ابن عباس - (ض)

التالي السابق


(لا تمار أخاك) أي لا تخاصمه، من المماراة وهي المخاصمة (ولا تمازحه) بما يتأذى به، قالوا: والمزاح المنهي عنه هو ما فيه إفراط أو مداومة أو أذى، قال الماوردي : اعلم أن للمزاح إزاحة عن الحقوق ومخرجا إلى العقوق، يصم المازح ويؤذي الممازح، وقال الغزالي: المزاح يريق ماء الوجه، ويسقط المهابة، ويستجر الوحشة، ويؤذي القلوب، وهو مبدأ اللجاج والغضب والتضارب، ومغرس الحقد في القلوب، فإن مازحك غيرك فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وكن من الذين وإذا مروا باللغو مروا كراما وقال في الأذكار: المزاح المنهي: ما فيه إفراط ومداومة، فإنه يورث الضحك والقسوة، ويشغل عن الذكر والفكر في مهمات الدين، فيورث الحقد، ويسقط المهابة والوقار، وما سلم من ذلك هو المباح الذي كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعله، فإنه إنما كان يفعله نادرا لمصلحة، كمؤانسة وتطييب نفس المخاطب، وهذا لا منع منه قطعا، بل هو مستحب (ولا تعده موعدا فتخلفه) قال الطيبي: إن روي منصوبا كان جوابا للنهي، على تقدير أن يكون مسببا عما قبله، أو مرفوعا، فالمنهي الوعد المستعقب للإخلاف، أي: لا تعد موعدا فأنت تخلفه، على أنه جملة خبرية معطوفة على إنشائية، والوفاء بالوعد سنة مؤكدة، بل قيل واجب كما مر، قال حجة الإسلام: والمراء قبيح جدا؛ لأن فيه إيذاء للمخاطب وتجهيلا له، وفيه ثناء على النفس وتزكية لها بمزيد الفطنة والعلم، ثم هو مشوش للعيش، فإنك لا تماري سفيها إلا ويؤذيك، ولا حليما إلا ويقليك ويحقد عليك، ولا ينبغي أن يحدك الشيطان ويقول: أظهر الحق ولا تداهن فيه، فإن الشيطان أبدا يسخر بالحمقاء إلى الشر في معارض الخير، فلا تكن ضحكة له يسخر بك، فإظهار الحق حسن مع من يقبل منك، وذلك بطريق النصيحة لا المماراة، وللنصيحة صيغة وهيئة تحتاج إلى تلطف، وإلا صارت فضيحة، وكان فسادها أكثر من صلاحها، ومن خالط متفقهة العصر غلب على طبعه المراء، وعسر عليه الصمت، ففر منهم فرارك من الأسد

(ت) في البر (عن ابن عباس ) وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال الحافظ العراقي: يعني من حديث ليث بن أبي سليم ، وضعفه الجمهور، وقال الذهبي : فيه ضعف من جهة حفظه.



الخدمات العلمية