الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
10014 - يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة والكذب (هب) عن ابن عمر - (ح)

التالي السابق


(يطبع المؤمن) أي الكامل (على كل خلق) غير مرضي، أي يجعل الخلق طبيعة لازمة له يعسر تركه، يشق مجاهدته، أي يخلق عليها من خير وشر، قالالجوهري: طبعت الدرهم أي عملته، والطباع الذي يعمله (ليس الخيانة والكذب) أي فلا يطبع عليهما، بل قد يحصلان تطبعا وتخلقا، والطباع: ما ركب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا تكاد تزاولها من خير وشر، قال الطيبي: وإنما كانت الخيانة والكذب منافيين لحاله لأنه حكم بأنه مؤمن، والإيمان يضادهما، إذ الخيانة ضد الأمانة، لا إيمان لمن لا أمانة له، والكذب قد مر أنه مجانب للإيمان في غير ما مكان، وليس من شرطه أن لا يوجد منه خيانة ولا كذب أصلا، بل أن [ ص: 463 ] لا يكثر منه

[تنبيه] قال ابن مالك في شرح الكفاية: من أدوات الاستثناء "ليس"، وهي على فعليتها وعملها، إلا أن المرفوع بها لا يكون إلا مستترا، لأنهم قصدوا أن لا يليها "إلا"، لأنها أصل الأدوات الاستثنائية، والمستثنى بها واجب النصب بمقتضى الخبرية، من الاستثناء بها هذا الحديث، أي: ليس بعض خلقه الخيانة، هذا التقدير الذي يقتضيه الإعراب، والتقدير المعنوي يطلق على كل خلق إلا الخيانة والكذب اهـ. وقد ذكروا أن هذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه النحو، فإنه جاء إلى حماد بن سلمة فاستملى منه حديث: ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء ، فقال سيبويه : ليس أبو الدرداء ، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه ، إنما هذا استثناء، فقال: والله لأطلبن علمها، ثم مضى ولزم الأخفش وغيره

[تنبيه] قال الغزالي: الكذب ليس حراما لعينه، بل لضرورة، وذلك جائز حين تعين طريقا للمصلحة، ونوزع بأنه يلزم منه جوازه حيث لا ضرر، وأجيب بأنه يمنع منه حسما للمادة، فلا يباح منه إلا لما فيه مصلحة

(هب عن ابن عمر) بن الخطاب، رمز لحسنه، قال في المهذب: فيه عبد الله بن حفص الوكيل وهو كذاب اهـ، وقال في الضعفاء: قال ابن عدي : كان يضع الحديث، وقال في الكبائر: روي بإسنادين ضعيفين، ورواه البيهقي في الشعب من طريق أخرى، وقال: فيه سعيد بن رزين من الضعفاء، وأقول: فيه أيضا علي بن هاشم، أورده أيضا في الضعفاء وقال: له مناكير، وقال ابن حبان : غال في التشيع، ورواه الطبراني باللفظ المزبور، وقال الهيثمي: فيه عبد الله بن الوليد ضعيف، ورواه أحمد بلفظ: يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب، قال الهيثمي: وفيه انقطاع، ورواه البزار وأبو يعلى بلفظ: يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب، قال المنذري: رواته رواة الصحيح، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في الفتح: سنده قوي، وبه يعرف أن المؤلف لم يصب في إيثاره الطريق الضعيفة وضربه عن الصحيحة صفحا.



الخدمات العلمية