الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
417 - " إذا أردت أمرا؛ فعليك بالتؤدة؛ حتى يريك الله منه المخرج " ؛ (خد هب) ؛ عن رجل من بلي.

التالي السابق


(إذا أردت أمرا) ؛ أي: فعل شيء من المهمات؛ وأشكل عليك وجهه؛ (فعليك بالتؤدة) ؛ كـ " همزة" ؛ أي: الزم التأني والرزانة والتثبت وعدم العجلة؛ (حتى) ؛ أي: إلى أن؛ (يريك الله منه المخرج) ؛ بفتح الميم؛ والراء؛ أي: المخلص؛ يعني: إذا أردت فعل شيء؛ وأشكل عليك؛ أو شق؛ فتثبت؛ ولا تعجل؛ حتى يهديك الله إلى الخلاص؛ ولفظ رواية البيهقي : " حتى يجعل الله لك مخرجا" ؛ أو قال: " فرجا" ؛ قال الراغب : يحتاج الرأي إلى أربعة أشياء؛ اثنان من جهة الزمان؛ في التقديم؛ والتأخير؛ أحدهما: أن يعيد النظر فيما يرتقبه؛ ولا يعجل إمضاءه؛ فقد قيل: إياك والرأي الفطير؛ وأكثر من يستعجل في ذلك ذوي النفوس الشهيمة؛ والأمزجة الحادة؛ والثاني: ألا يدافع به بعد إحكامه؛ فقد قيل: أحزم الناس من إذا وضح له الأمر صدع فيه؛ وأكثر [ ص: 272 ] من يدافع ذلك ذوو النفوس المهينة؛ والأمزجة الباردة؛ واثنان من جهة الناس؛ أحدهما: ترك الاستبداد بالرأي؛ فإن الاستبداد به من فعل المعجب بنفسه؛ وقد قيل: الأحمق من قطعه العجب بنفسه عن الاستشارة؛ والاستبداد عن الاستخارة؛ والثاني: أن يتخير من يحسن مشاورته؛ قال الشاعر:


فما كل ذي نصح بمؤتيك نصحه ... وما كل مؤت نصحه بلبيب

ولكن إذا ما استجمعا عند صاحب
... فحق له من طاعة بنصيب



ومن دخل في أمر بعد الاحتراز عن هذه الأربعة فقد أحكم تدبيره؛ فإن لم ينجح عمله لم تلحقه مذمة.

(خد هب) ؛ وكذا الطيالسي ؛ والخرائطي ؛ والبغوي وابن أبي الدنيا ؛ كلهم (عن رجل من بلي) ؛ بفتح؛ فكسر؛ كـ " رضي" ؛ قبيلة معروفة؛ قال هذا الرجل: انطلقت مع أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فناجاه أبي دوني؛ فقلت لأبي: ما قال لك؟ قال: قال لي: " إذا أردت..." ؛ إلى آخره؛ رمز المؤلف لحسنه؛ وفيه سعد بن سعيد ؛ ضعفه أحمد والذهبي؛ لكن له شواهد كثيرة.



الخدمات العلمية