الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2310 [ ص: 575 ] 3 - باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

                                                                                                                                                                                                                              2442 - حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، أن سالما أخبره، أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". [6951 - مسلم: 2580 - فتح: 5 \ 97]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا. قال الترمذي : غريب.

                                                                                                                                                                                                                              وأخرجه من حديث أبي هريرة وهو في مسلم أيضا، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".

                                                                                                                                                                                                                              ولمسلم عن عقبة بن عامر مرفوعا: " المؤمن أخو المؤمن" الحديث. وهو حديث شريف يحتوي على كثير من آداب الإسلام. [ ص: 576 ]

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى ("لا يسلمه"): لا يتركه مع من يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، ونصره فرض كما سيأتي. قال ابن التين : كونه لا يظلمه فرض عليه.

                                                                                                                                                                                                                              ("ولا يسلمه") قال أبو عبد الملك : هو مستحب.

                                                                                                                                                                                                                              وظاهر كلام الداودي أنه كظلمه، وهو يحتاج إلى تفصيل إما أن يفجأه عدو أو نحوه فيجب عليه نصره، وأما أن يعينه في أمر دنياه فمستحب.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("المسلم أخو المسلم") هو من قول الله تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات: 10] والله تعالى حرم كثير الظلم وقليله.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("ولا يسلمه") هو مثل قوله - عليه السلام -: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما ".

                                                                                                                                                                                                                              وباقي الحديث حض على التعاون وحسن المعاشرة والألفة والستر على المؤمن وترك التسمع به والإشهار لذنوبه، وقال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى [المائدة: 2].

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن المجازاة في الآخرة قد تكون من جنس الطاعة في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المنذر : ويستحب لمن اطلع من أخيه على عورة أو زلة توجب حدا أو تعزيرا أو يلحقه في ذلك عيب أو عار أن يستر عليه رجاء الثواب، ويجب لمن بلي بذلك أن يستتر بستر الله، فإن لم يفعل ذلك الذي أصاب الحد، وأبدى ذلك للإمام وأقر بالحد لم يكن آثما؛ لأنا لم نجد في الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك؛ بل الأخبار دالة على أن من أصاب حدا أقيم عليه فهو كفارته. [ ص: 577 ]

                                                                                                                                                                                                                              قلت: والستر عليه لا يدفع الإنكار عليه خفية، وهذا في غير المجاهر بل الذي وقع ذلك فلتة أو زلة، أما المجاهر فخارج عنه ولا غيبة له لحديث: "أترعون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه يحذره الناس" لكنه ضعيف. ومعنى (فرج كربة): غمة.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("من كرب"). وفي رواية: "من كربات"، وعليها اقتصر ابن التين قال: وضبط بضم الراء، ويجوز فتحها وإسكانها.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية