الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6163 - حدثنا يونس ، قال : ثنا شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا ، تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد ، فقال : إن بعض هذه الأقدام من بعض .

                                                        قال أبو جعفر : فاحتج قوم بهذا الحديث ، فزعموا أن فيه ما قدر لهم أن القافة يحكم بقولهم ، ويثبت به الأنساب .

                                                        قالوا : ولولا ذلك ، لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على مجزز ، ولقال له : وما يدريك ؟

                                                        فلما سكت ، ولم ينكر عليه ، دل أن ذلك القول ، مما يؤدي إلى حقيقة ، يجب بها الحكم .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ؛ فقالوا : لا يجوز أن يحكم بقول القافة في نسب ، ولا غيره .

                                                        وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن سرور النبي صلى الله عليه وسلم بقول مجزز المدلجي الذي ذكروا في حديث [ ص: 161 ] عائشة ، ليس فيه دليل على ما توهموا من واجب الحكم بقول القافة ؛ لأن أسامة قد كان نسبه ثبت من زيد قبل ذلك .

                                                        ولم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إلى قول أحد ، ولولا ذلك لما كان دعي أسامة فيما تقدم إلى زيد .

                                                        إنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من إصابة مجزز ، كما يتعجب من ظن الرجل الذي يصيب بظنه حقيقة الشيء الذي ظنه ، ولا يجب الحكم بذلك .

                                                        فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنكار عليه ، لأنه لم يتعاط بقوله ذلك إثبات ما لم يكن ثابتا فيما تقدم ، فهذا ما يحتمله هذا الحديث .

                                                        وقد روي في أمر القافة عن عائشة رضي الله عنها ، ما يدل على غير هذا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية