الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر خبر سادس يصرح بأن الإيثار في النحل بين الأولاد غير جائز

                                                                                                                          5107 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، قال : قرأت على الفضيل عن أبي حريز ، أن عامرا حدثه أن النعمان بن بشير قال : إن والدي بشير بن سعد ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إن عمرة بنت رواحة نفست بغلام ، وإني سميته نعمان ، وإنها أبت أن تربيه حتى جعلت له حديقة لي أفضل مالي هو ، وإنها قالت : أشهد النبي صلى الله عليه وسلم على [ ص: 507 ] ذلك ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : هل لك ولد غيره ؟ قال : نعم ، قال : لا تشهدني إلا على عدل ؛ فإني لا أشهد على جور .

                                                                                                                          قال أبو حاتم رضي الله عنه : تباين الألفاظ في قصة النحل الذي ذكرناه قد يوهم عالما من الناس أن الخبر فيه تضاد وتهاتر ، وليس كذلك ؛ لأن النحل من بشير لابنه كان في موضعين متباينين ، وذاك أن أول ما ولد النعمان أبت عمرة أن تربيه حتى يجعل له بشير حديقة ، ففعل ذلك ، وأراد الإشهاد على ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تشهدني إلا على عدل ؛ فإني لا أشهد على جور ، على ما في [ ص: 508 ] خبر أبي حريز ، تصرح هذه اللفظة أن الحيف في النحل بين الأولاد غير جائز ، فلما أتى على الصبي مدة ، قالت عمرة لبشير : انحل ابني هذا ، فالتوى عليه سنة أو سنتين على ما في خبر أبي حيان التيمي ، والمغيرة عن الشعبي ، فنحله غلاما ، فلما جاء المصطفى صلى الله عليه وسلم ليشهده ، قال : لا تشهدني على جور ، ويشبه أن يكون النعمان قد نسي الحكم الأول ، أو توهم أنه قد نسخ ، وقوله صلى الله عليه وسلم : لا تشهدني على جور ، في الكرة الثانية زيادة تأكيد في نفي جوازه ، والدليل على أن النحل في الغلام للنعمان كان ذلك والنعمان مترعرع ، أن في خبر عاصم عن الشعبي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ما هذا الغلام ؟ قال : غلام أعطانيه أبي ، فدلتك هذه اللفظة ، على أن هذا النحل غير النحل الذي في خبر أبي حريز في الحديقة ؛ لأن ذلك عند امتناع عمرة عن تربية النعمان عندما ولدته ضد قول من زعم أن أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم تتضاد وتهاتر ، وأبو حريز كان قاضي سجستان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية