الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4953 (4) باب

                                                                                              من عاد إلى الذنب فليعد إلى الاستغفار

                                                                                              [ 2679 ] عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يحكي عن ربه عز وجل ، قال : أذنب عبد ذنبا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب فقال : أي رب ، اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب فقال : أي رب ، اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، اعمل ما شئت فقد غفرت لك .

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 405) ، والبخاري (7507) ، ومسلم (2758) (29) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ (4) ومن باب : من عاد إلى الذنب فليعد إلى الاستغفار ]

                                                                                              (قوله : " أذنب عبد ذنبا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا ، علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ") يدل على عظيم فائدة الاستغفار ، وعلى عظيم فضل الله وسعة رحمته ، وحلمه وكرمه ، ولا شك في أن هذا الاستغفار ليس هو الذي ينطق به اللسان ، بل الذي يثبت معناه في الجنان ، فيحل به عقد الإصرار ، ويندم معه على ما سلف من الأوزار . فإذا الاستغفار ترجمة التوبة ، وعبارة عنها ، ولذلك قال : " خياركم كل مفتن تواب " . قيل : هو الذي يتكرر منه الذنب والتوبة ، فكلما وقع في الذنب عاد إلى التوبة ، وأما من قال [ ص: 86 ] بلسانه : أستغفر الله ، وقلبه مصر على معصيته ، فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار ، وصغيرته لاحقة بالكبار إذ لا صغيرة مع إصرار ، ولا كبيرة مع استغفار . وفائدة هذا الحديث أن العود إلى الذنب ، وإن كان أقبح من ابتدائه ; لأنه انضاف إلى الذنب نقض التوبة ، فالعود إلى التوبة أحسن من ابتدائها ; لأنها انضاف إليها ملازمة الإلحاح بباب الكريم ، وأنه لا غافر للذنوب سواه .

                                                                                              و (قوله : " اعمل ما شئت فقد غفرت لك ") قد تقدم القول فيه ، ونزيد هنا نكتة ، وهي : أن هذا الأمر يحتمل أن يكون معناه الإكرام ، فيكون من باب قوله تعالى : ادخلوها بسلام آمنين [ الحجر :46 ] وآخر الكلام خبر عن حال المخاطب ; لأنه مغفور له ما سلف من ذنبه ، ومحفوظ - إن شاء الله - فيما يستقبل من شأنه .




                                                                                              الخدمات العلمية