الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              501 (29) باب

                                                                                              في الفرق بين دم الحيض والاستحاضة وغسل المستحاضة

                                                                                              [ 260 ] عن عائشة ; قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : يا رسول الله ! إني امرأة أستحاض فلا أطهر . أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إنما ذلك عرق ، وليس بالحيضة . فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة . فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي.

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 82 ) ، والبخاري ( 306 ) ، ومسلم ( 333 و 334 ) ، وأبو داود ( 282 - 298 ) ، والترمذي ( 125 ) ، والنسائي ( 1 \ 183 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (29) ومن باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

                                                                                              (قوله : " إنما ذلك عرق ") دليل لنا على العراقيين في أن الدم السائل من [ ص: 591 ] الجسد لا ينقض الوضوء ، فإنه قال بعد هذا : " فاغسلي عنك الدم وصلي " ، وهذا أصح من رواية من روى : " فتوضئي وصلي " باتفاق أهل الصحيح ، وهو قول عامة الفقهاء . ويعني بقوله : " ذلك عرق " أي : عرق انقطع فسال ، أي : هو دم علة ، ويدل أيضا على أن المستحاضة حكمها حكم الطاهر مطلقا فيما تفعل من العبادات وغيرها ، فيطؤها زوجها ، خلافا لمن منع ذلك ، وهو عائشة وبعض السلف .

                                                                                              و (قوله : " فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ") يدل على أن هذه المرأة مميزة ، فإنه - عليه الصلاة والسلام - أحالها على ما تعرف من تغير الدم ، وقد نص على هذا في هذا الحديث أبو داود ، فقال : " إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي " . وبهذا تمسك مالك في أن المستحاضة إنما تعمل على التمييز ، فإن عدمته صلت أبدا ، ولم تعتبر بعادة ; خلافا للشافعي ، ولا تتحيض في علم الله من كل شهر ، خلافا لأحمد وغيره ، وهو رد على أبي حنيفة حيث لم يعتبر التمييز .

                                                                                              و (قوله في حديث فاطمة : " فإذا أدبرت الحيضة فاغسلي عنك الدم وصلي ") لم يختلف الرواة عن مالك في هذا اللفظ ، وقد فسره سفيان فقال : معناه إذا رأت الدم بعدما تغتسل تغسل الدم فقط ، وقد رواه جماعة وقالوا فيه : " فاغسلي عنك [ ص: 592 ] الدم ثم اغتسلي " ، وهذا رد على من يقول : إن المستحاضة تغتسل لكل صلاة ، وهو قول ابن علية ، وجماعة من السلف ، وعلى من رأى عليها الجمع بين صلاتي النهار بغسل واحد ، وصلاتي الليل بغسل ، وتغتسل للصبح ، وروي هذا عن علي - رضي الله عنه - ، وعلى من رأى عليها الغسل من ظهر إلى ظهر ، وهو مذهب سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وغيرهم . وقد روي عن سعيد خلافه .




                                                                                              الخدمات العلمية