الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 550 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة الرعد

                                                                                                                                                                                                                                      القول من أولها إلى قوله تعالى: أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد [الآيات: 1-20]

                                                                                                                                                                                                                                      المر تلك آيات الكتاب والذي أنـزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ويقول الذين كفروا لولا أنـزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال [ ص: 551 ] هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار أنـزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد : قال قتادة: وما تغيض : ما تسقط قبل التسعة، وما تزداد فوق التسعة، وكذلك قال ابن عباس ما يسقط من التسعة وما يزيد عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 552 ] مجاهد: إذا حاضت المرأة في حملها؛ كان ذلك نقصانا في ولدها، فإن زادت على التسعة؛ كان ذلك تماما لما نقص.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه الآية دليل على أن الحامل تحيض، وهو مذهب مالك والشافعي، وقال عطاء والشعبي، وغيرهما: لا تحيض.

                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أيضا دليل على أنها تضع حملها لأقل من تسعة أشهر، وتزيد على التسعة، وأجمع العلماء على أن أقل الحمل ستة أشهر، وقد قدمنا القول في ذلك، واختلفوا في أكثره:

                                                                                                                                                                                                                                      فروي عن عائشة رضي الله عنها: أن أكثره سنتان.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الليث بن سعد: ثلاث سنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن مالك: أربع سنين، وروي عنه: خمس سنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الشافعي: أربع.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الزهري: ست، وسبع.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر الله تعالى هذا على إثر ما أخبر به من إنكار كفار قريش البعث، ليعلم أن من علم هذا يقدر على إعادتهم بعد موتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا نسخ فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية