الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              131 [ ص: 225 ] (باب لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر)

                                                                                                                              ولفظ النووي: (باب تحريم الكبر وبيانه. فالأول. رواية والثاني دراية)

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 89 جـ2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنا، قال: «إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق، وغمط الناس» ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              [عن عبد الله بن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» ].

                                                                                                                              قيل: المراد التكبر عن الإيمان، فصاحبه لا يدخل الجنة أصلا، إذا مات عليه.

                                                                                                                              وقيل: لا يكون في قلبه كبر حال دخوله الجنة. كما قال تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل .

                                                                                                                              وفيهما بعد؛ فإن هذا الحديث، ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف؛ وهو الارتفاع على الناس، واحتقارهم، ودفع الحق، فلا ينبغي أن يحمل على ذلك.

                                                                                                                              [ ص: 226 ] والظاهر ما اختاره عياض وغيره من المحققين: أنه لا يدخلها دون مجازاة «إن جازاه» . وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه؛ وقد يتكرم بأنه لا يجازيه، بل لا بد أن يدخل كل الموحدين الجنة. إما أولا، وإما ثانيا، بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر، الذين ماتوا مصرين عليها.

                                                                                                                              وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة.

                                                                                                                              (قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنا ) .

                                                                                                                              وهذا الرجل هو «مالك بن مرارة الرهاوي» .

                                                                                                                              قاله عياض؛ وأشار إليه ابن عبد البر. وجمع «ابن بشكوال» في اسمه أقوالا من جهات، حكاها النووي. فراجع.

                                                                                                                              «قال: «إن الله جميل يحب الجمال» ، قيل: معناه أن كل أمره سبحانه وتعالى حسن جميل، وله الأسماء الحسنى، وصفات الجمال والكمال.

                                                                                                                              وقيل: «جميل» يعني مجمل. وقال القشيري: معناه «جليل» ، وحكى الخطابي أنه بمعنى «ذي النور والبهجة» أي: «مالكهما» .

                                                                                                                              وقيل «جميل» الأفعال بالعباد باللطف والنظر إليهم. يكلفهم اليسير من العمل ويعين عليه، ويثيب عليه الجزيل، ويشكر عليه.

                                                                                                                              وهذا الاسم ورد في الحديث الصحيح. ولكن من أخبار الآحاد، وورد في خبر الأسامي وفي إسناده مقال.

                                                                                                                              والمختار: جواز إطلاقه عليه سبحانه.

                                                                                                                              [ ص: 227 ] ومنهم من منعه. والحديث يرد عليه.

                                                                                                                              وأما ما لم يرد به الشرع، من أوصاف كماله تعالى، وصفات جلاله، وسمات جماله، ولا منعه، فأجازه طائفة، ومنعه آخرون.

                                                                                                                              قال: القاضي: والصواب جوازه، لاشتماله على العمل، ولقوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها انتهى.

                                                                                                                              قلت: والراجح في هذا الباب، الوقوف حيث أوقف الله سبحانه، وعدم الإيجاد في أسمائه تعالى. فالوقوف عند التوقيف والإيقاف، أوفق، وأجمل، والله أعلم.

                                                                                                                              «الكبر بطر الحق» ، أي: دفعه وإنكاره، ترفعا وتجبرا. قال تعالى: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد .

                                                                                                                              «وغمط الناس» بفتح الغين وإسكان الميم وبالطاء المهملة. قاله: عياض عن جميع شيوخه. وذكره الترمذي وغيره «غمص» بالصاد. وهما معنى واحد. وهو «الاحتقار» . يقال في الفعل منه «غمطه» بفتح الميم «يغمطه» ، بكسرها، «وغمطه» بكسر الميم، «يغمطه» بفتحها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية