الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4231 باب: منع النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، ممن أراد قتله

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب توكله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ على الله تعالى. وعصمة الله تعالى له من الناس).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 44، 45 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن جابر بن عبد الله قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم [ ص: 17 ] على رأسي فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، قال: فشام السيف فها هو ذا جالس ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما؛ (قال: غزونا مع رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: غزوة، قبل نجد. فأدركنا رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، في واد كثير العضاه): بالعين والضاد. وهي: كل شجرة ذات شوك. (فنزل رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، تحت شجرة، فعلق سيفه بغصن من أغصانها. قال: وتفرق الناس في الوادي، يستظلون بالشجر. قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: إن رجلا أتاني وأنا نائم).

                                                                                                                              قال أهل العلم: هذا الرجل اسمه: "غورث" بغين معجمة، وثاء مثلثة. والغين مضمومة ومفتوحة. وحكى القاضي الوجهين. ثم قال: الصواب: الفتح.

                                                                                                                              قال: وضبطه بعض رواة البخاري: بالعين المهملة. والصواب: المعجمة.

                                                                                                                              وقال الخطابي: هو "غويرث"، أو "غورث". على التصغير والشك. وهو غورث بن الحارث.

                                                                                                                              [ ص: 18 ] قال عياض: وقد جاء في حديث آخر، مثل هذا الخبر. وسمي الرجل فيه: "دعثورا".

                                                                                                                              (فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي. فلم أشعر، إلا والسيف صلتا في يده)..بفتح الصاد وضمها. أي: مسلولا.

                                                                                                                              (فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: "قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: "قلت: الله". قال: فشام السيف)؛ بالمعجمة. ومعناه: غمده، ورده في غمده.

                                                                                                                              يقال: "شام السيف": إذا سله، وإذا أغمده. فهو من الأضداد.

                                                                                                                              والمراد هنا: أغمده.

                                                                                                                              (فها هو ذا جالس. ثم لم يعرض له رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم).

                                                                                                                              فيه: بيان توكل النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: على الله، وعصمة الله تعالى له: من الناس. كما قال سبحانه: والله يعصمك من الناس وفيه: جواز الاستظلال بأشجار الوادي، وتعليق السلاح وغيره فيها.

                                                                                                                              وجواز المن على الكافر الحربي، وإطلاقه.

                                                                                                                              وفيه: الحث على مراقبة الله تعالى، والعفو، والحلم، ومقابلة السيئة بالحسنة. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية