الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فهذه الآية الشريفة دلت على أن من ادعى أن عنده علما يعلم به أمرا غيبيا متى شاء ، وفي قدرته أن يعلم بالأمور المستقبلة الآتية ، فهو أكذب الكاذبين ، يدعي له الألوهية التي استأثر بها رب العالمين .

فمن اعتقد في نبي ، أو ولي ، أو جن ، أو ملك ، أو إمام ، أو ولد لإمام ، أو شبح ، أو شهيد ، أو منجم ، أو رمال ، أو جفار ، أو فاتح فال، أو برهمن ، أو راهب ، أو جنية ، أو خبيث : أن له مثل هذا العلم ، وهو يعلم الغيب بعلمه ذلك، فهو مشرك بالله ، وعقيدته هذه من أبطل الباطلات ، وأكذب المكذوبات ، وهو منكر لهذه الآية القرآنية ، وجاحد بها .

ولا تغتر بأن في بعض الأحوال والأوقات يطابق خبر المنجم ، والرمال ، والبرهمن وفأله وطيره الواقع ، ويكون الأمر كما أخبر ؛ فإن ذلك غلط بحت ، ووسواس صرف ، ووهم خالص ، ولا يثبت من هذا علم الغيب لهم .

ألا ترى أن كثيرا من أخبارهم يقع على خلاف حكمهم وخبرهم ؟ فلو كانوا يعلمون الغيب ، لم يكن خبرهم غلط أبدا ، أو الحال أنهم يقولون ما يقولون خرصا وظنا ، فتارة يصح ، وأخرى لا يصح ، بل يكون غلطا ، فأين هذا من ذاك ؟ .

وهكذا شأن الاستخارة المستحدثة ، والكشف ، وفال القرآن المجيد .

نعم ، وحي الأنبياء -عليهم السلام - لا يتطرق إليه الخطأ والغلط ، وهو ليس في اختيارهم .

فما ظنك بغيرهم من آحاد الخلق ؟ ! بل يخبرهم الله تعالى بما يشاء ، لا على حسب إرادتهم . ويدل لذلك قوله سبحانه : قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن [الأنعام : 148] ؛ أي : الذي هو محل الخطأ ، ومكان الجهل .

وإن أنتم إلا تخرصون ؛ أي : تتوهمون مجرد توهم فقط ، كما يتوهم الخارص ، وتقولون على الله الباطل . [ ص: 412 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية