الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع عشر في إكرامه- صلى الله عليه وسلم- من يستحق إكرامه وتألفه أهل الشرف

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد برجال الصحيح عن حميد بن هلال ، قال : كان رجل من الطفاوة طريقه علينا يأتي على الحي ، فحدثهم قال : أتيت المدينة مع عير لنا ، فبعنا بضاعتنا ، ثم قلت :

                                                                                                                                                                                                                              لأنطلق إلى هذا الرجل فلآتين من بعدي بخبره فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يريني بيتا قال : إن امرأة كانت فيه فخرجت في سرية من المسلمين ، وتركت اثنتي عشرة عنزا لها وصيصتها كانت تنسج بها ، قال : ففقدت عنزا من غنمها وصيصتها ، فقالت : يا رب ، إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه ، وإني قد فقدت عنزا من غنمي وصيصتي ، وإني أنشدك عنزي وصيصتي ، قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شدة مناشدتها لربها- تبارك وتعالى- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأصبحت عنزها ومثلها وصيصتها ومثلها وهاتيك فائتها فاسألها إن شئت قال : قلت : بل أصدقك .


                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك وأبو الشيخ والخرائطي عن جرير بن عبد الله- رضي الله تعالى عنه- قال : لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيت لأبايعه ، قال : ما جاء بك يا جرير ، قلت :

                                                                                                                                                                                                                              لأسلم على يديك ، قال : فألقى إلي كساء ، ثم أقبل على أصحابه فقال : «إن أتاكم كريم قوم فأكرموه»
                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو الشيخ والخرائطي عنه ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض بيوته فامتلأ البيت فقعد جرير خارج البيت ، فأبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ ثوبه ورمى به إليه ، وقال : اجلس على هذا فأخذه جرير فوضعه على وجهه وقبله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن أشياخ من طيئ قالوا : إن عدي بن حاتم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه ، وهو في المسجد ، فقال : من الرجل ؟ قال عدي بن حاتم : فانطلق به إلى بيته وألقى إليه وسادة محشوة بليف ، وقال : «اجلس عليها» فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض ، وعرض عليه الإسلام ، فأسلم عدي ، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن عكرمة بن أبي جهل- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم جئته «مرحبا بالراكب المهاجر»

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الرشاطي إن أبرهة بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح الأصبحي الحميري ، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرش له رداءه ، وكان يعد من الحكماء . [ ص: 389 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير في التهذيب وأبو يعلى وابن منده وابن عساكر عن صفوان بن أمية ، قال : لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لمن أبغض الناس إلي ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي قال الحافظ أبو الفرج بن الجوزي في التحقيق :

                                                                                                                                                                                                                              اعلم أن من المؤلفة قلوبهم ما تألفوا في بدء إسلامهم ثم تمكن الإسلام من قلوبهم ، فخرجوا بذلك عن حد المؤلفة ، وإنما ذكرهم العلماء في المؤلفة باعتبار ابتداء أحوالهم ، وفيهم من لم يعلم منه حسن إسلامه والظاهر بقاؤه على حال الناس ، ولا يمكننا أن نفرق بين من حسن إسلامه وبين من لم يحسن إسلامه ، لجواز أن يكون من ظننا به الشر على خلاف ذلك ، وأن الإنسان قد يتغير حاله ، ولا ينقل إلينا أمره فالواجب أن نظن بكل من سمعنا عنه الإسلام خيرا ، ومما يقوي ما ذكرت ما رواه الإمام أحمد عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم لشيء يعطاه من الدنيا ، فلا يمشي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما فيها ، قال : وأسماء من بلغنا منهم .

                                                                                                                                                                                                                              الأقرع بن حابس التميمي .

                                                                                                                                                                                                                              والمجاشعي جبير بن مطعم بن عدي .

                                                                                                                                                                                                                              المجد بن قيس السهمي والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي .

                                                                                                                                                                                                                              وحويطب بن عبد العزى .

                                                                                                                                                                                                                              حكيم بن حزام بن خويلد .

                                                                                                                                                                                                                              حكيم بن طليق بن سفيان .

                                                                                                                                                                                                                              خالد بن قيس السهمي .

                                                                                                                                                                                                                              سعيد بن يربوع بن عنكشة .

                                                                                                                                                                                                                              سهيل بن عمرو وأبو سفيان العباس بن مرداس السلمي .

                                                                                                                                                                                                                              عبد الرحمن بن يربوع من بني مالك .

                                                                                                                                                                                                                              علقمة بن علاثة .

                                                                                                                                                                                                                              عمير بن وهبة الجمحي .

                                                                                                                                                                                                                              عمرو بن مرداس السلمي .

                                                                                                                                                                                                                              عمرو بن بعكك أبو السنابل ، ويقال اسمه : لبيد .

                                                                                                                                                                                                                              عيينة بن حصن الفزاري .

                                                                                                                                                                                                                              قيس بن عدي السهمي . [ ص: 390 ]

                                                                                                                                                                                                                              قيس بن مخرمة .

                                                                                                                                                                                                                              مالك بن عوف البصري .

                                                                                                                                                                                                                              مخرمة بن نوفل الزهري .

                                                                                                                                                                                                                              معاوية بن أبي سفيان .

                                                                                                                                                                                                                              وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب واسمه المغيرة والنضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة .

                                                                                                                                                                                                                              هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حنيف بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي . [ ص: 391 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية