الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              العشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه صلى الله عليه وسلم سمي أحمد ، ولم يسم أحد قبله كما في حديث علي عند الإمام أحمد ومسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . [ ص: 283 ]

                                                                                                                                                                                                                              الحادية والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبإطلال الملائكة له في سفره صلى الله عليه وسلم تقدم ذلك في سفره إلى الشام مرة ثانية وزواجه خديجة رضي الله عنها .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وكان أرجح الناس عقلا كما رواه أبو نعيم عن وهب بن منبه رضي الله عنه وتقدم في أرجح الناس عقلا من أسمائه .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              بأنه أوتي كل الحسن ، ولم يؤت يوسف عليه الصلاة والسلام إلا شطره كما تقدم في باب المعراج وباب حسنه .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبغطه عند بدء الوحي كما نقله الحافظ في الفتح عن بعضهم .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبرؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته التي خلق عليها قلت : وقع ذلك مرتين ، الأولى : ليلة الإسراء ، والثانية : وهو بمكة ، وتقدم بيان ذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبانقطاع الكهانة لمبعثه وحراسة السماء من استراق السمع والرمي بالشهب وبإحياء أبويه حتى آمنا به ، ورد ذلك في حديث جزم جماعة بوضعه ، كالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي والشيخ ، وغيرهما بضعفه ، وألف الشيخ لذلك ثلاثة مؤلفات ، وتقدم بيان ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبوعده من العصمة من الناس ، وقال الله سبحانه وتعالى : والله يعصمك من الناس [المائدة 67] وتقدم في باب عصمته أواخر المعجزات .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبالإسراء وما تضمنه اختراق السماوات .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والعشرون .

                                                                                                                                                                                                                              وبالعلو إلى قاب قوسين . [ ص: 284 ]

                                                                                                                                                                                                                              الثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              ووطئه مكانا ما وطئه نبي مرسل ولا ملك مقرب وبإحياء الأنبياء له صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              ولصلاته صلى الله عليه وسلم إماما بالأنبياء والملائكة .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وباطلاعه صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار فيما ذكره البيهقي .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وبرؤيته صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              بحفظه حتى ما زاغ البصر وما طغى .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وبرؤيته صلى الله عليه وسلم الباري مرتين أحدهما بفؤاده والثانية في المنام ، وكلاهما في اليقظة؛ لأن رؤيته في المنام تكررت ، وتقدم بيان جميع ذلك في باب الإسراء والمعراج ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وبالقرب .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وبالدنو .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وبإعطاء الرضا والنور ، وتقدم بيان ذلك في أبواب المعراج .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والثلاثون .

                                                                                                                                                                                                                              وبقتال الملائكة معه صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا مع غيره إلا مددا .

                                                                                                                                                                                                                              الأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبركوب البراق كما تقدم في باب المعراج قلت : وقع قتال من الملائكة في بدر وأحد خلافا لمن زعم اختصاصه ببدر فقط كما تقدم بيان ذلك في غزوة بدر وأحد .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة : سئل السبكي ، عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه ، فأجاب : بأن ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 285 ] وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله في عباده ، والله سبحانه وتعالى هو فاعل الجميع .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وسير الملائكة معه صلى الله عليه وسلم حيث سار خلف ظهره كما رواه الإمام أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى مشوا أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبإتيانه الكتاب وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب؛ قال الله تعالى : النبي الأمي [الأعراف 157] .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فحدث بنعمة الله فقال : «إن جبريل أتاني فقال : اخرج ، فحدث بنعمة الله التي أنعم عليك» الحديث . وفيه : «ولقاني كلامه وأنا أمي وقد أوتي داود الزبور وموسى الألواح وعيسى الإنجيل» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن كتابه صلى الله عليه وسلم معجز؛ قال تعالى : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا [الإسراء 88] وتقدم بيان ذلك في المعجزات .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه محفوظ من التبديل والتحريف على مر الدهور؛ قال الله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر 9] وقال تعالى : وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه [فصلت 42] وقال تعالى : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث [الإسراء 106] .

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن الحسن في الآية الثانية قال : حفظه الله من الشيطان فلا يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقا .

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عن يحيى بن أكثم قال : دخل يهودي على المأمون فدعاه المأمون إلى الإسلام فأبى ، فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما ، فتكلم على الفقه فأحسن الكلام .

                                                                                                                                                                                                                              فقال له المأمون : ما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك ، فأحببت أن أمتحن هذه الأديان ، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، فأدخلته [ ص: 286 ] البيعة ، فاشتريت مني ، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني ، وعمدت إلى القرآن ، فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الوراقين فتصفحوها ، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان ، رموا بها فلم يشتروها ، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ فكان هذا سبب إسلامي .

                                                                                                                                                                                                                              قال يحيى بن أكثم : حججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة ، فذكرت له هذا الحديث . فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله ، قلت : في أي موضع ؟ قال : في قوله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل بما استحفظوا من كتاب الله [المائدة 44] فجعل حفظه إليهم ، وقال في القرآن : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر 9] فحفظه الله تعالى علينا فلم يضع .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه مشتمل على ما اشتملت عليه جميع الكتب وزيادة .

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن الحسن البصري قال : أنزل الله تبارك وتعالى مائة كتاب وأربعة كتب أودع علومها أربعة كتب منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وأودع علوم التوراة والإنجيل والزبور في القرآن .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه جامع لكل شيء ، قال الله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء [النحل 89] وقال تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء [الأنعام 38] .

                                                                                                                                                                                                                              روى سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أراد العلم فعليه بالقرآن ، فإن فيه خبر الأولين والآخرين وأنزل فيه كل علم ، وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه مستغن عن غيره .

                                                                                                                                                                                                                              أخرج الترمذي والدارمي وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وهو الحبل المتين ، وهو الذكر الحكيم ، حكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، ما تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن . [ ص: 287 ]

                                                                                                                                                                                                                              ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط المستقيم .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه ميسر للحفظ ، قال الله سبحانه وتعالى : ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [القمر 17] .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والأربعون .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه نزل منجما قال الله سبحانه وتعالى : فلا أقسم بمواقع النجوم [الواقعة 75] .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم من طريق سعيد بن جبير ، والنسائي والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة بأسانيد صحيحة وابن مردويه والبيهقي من طريق مقسم ، كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فصل الله القرآن من الذكر وأنزله في ليلة القدر جملة واحدة فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا ، وكان الله تعالى ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأعوام ، بعضه إثر بعض بجواب كلام العباد وأفعالهم وأعمالهم ، كلما أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا . قال أبو شامة ، قوله : «رسلا» أي رفقا ، وعلى مواقع النجوم : أي على مثل مساقطها ، يريد أنه أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق .

                                                                                                                                                                                                                              وقال العلماء : في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله تعالى ورحمته لهم ، [ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام] ، وإن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم قد قربناه إليهم لننزله عليهم ، وفيه التسوية بين موسى ونبينا صلى الله عليهما وسلم في إنزال كتابه جملة ، والتفضيل لمحمد في إنزاله عليه منجما ليحفظه . قال أبو شامة : فإن قيل : ما السر في نزوله منجما ؟ وهلا نزل كسائر الكتب جملة واحدة! قلنا : هذا سؤال قد تولى الله جوابه ، فقال تعالى : وقال الذين كفروا : لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة [الفرقان 32] يعنون كما أنزل على من قبله من الرسل ، فأجابهم تعالى بقوله : كذلك أي أنزلناه كذلك مفرقا لنثبت به فؤادك [الفرقان 32] أي لنقوي به قلبك ، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليهم ، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملائكة إليه ، وتجدد العهد به ، وما معه من الرسالة الواردة من ذلك الكتاب العزيز ، فيحدث له من السرور ما [ ص: 288 ] تقصر عنه العبارة ، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان ، لكثرة لقائه جبريل .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : معنى لنثبت به فؤادك أي : لنحفظه؛ فإنه عليه الصلاة والسلام كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، ففرق عليه ليثبت عنده حفظه بخلاف غيره من الأنبياء ، فإنه كان كاتبا قارئا فيمكنه حفظ الجميع .

                                                                                                                                                                                                                              وقال غيره : إنما لم ينزل جملة واحدة؛ لأن منه الناسخ والمنسوخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا ، ومنه ما هو جواب لسؤال ، وما هو إنكار على قول قيل ، أو فعل فعل ، وقد تقدم ذلك في قول ابن عباس ، ونزله جبريل بجواب كلام العباد وأعمالهم ، وفسر به قوله تعالى : ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا [الفرقان 33] رواه عنه ابن أبي حاتم .

                                                                                                                                                                                                                              فالحاصل أن الآية تضمنت حكمتين لإنزاله مفرقا .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية