الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الحوادث التي كانت في عام ولادته صلى الله عليه وسلم

قال مؤلف الكتاب من أعظم الحوادث في عام ولادته قصة الفيل وقد ذكرناه . [ ص: 259 ]

ومن الحوادث عامئذ يوم جبلة .

قال أبو عبيدة : أعظم أيام العرب يوم جبلة ، وكان عام ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان لعامر ، وعبس [على] ذبيان ، وتميم ، وقد قال الرضي في ذلك:


فمن إباء الأذى حلت جماجمها على مناطلها عبس وذبيان

ومن ذلك: رضاع ثويبة له أياما ثم قدوم حليمة لرضاعه :

أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياما ، ثم قدمت حليمة بنت أبي ذؤيب - واسمه:

عبد الله بن الحارث بن شجنة - وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة .

واسم إخوته من الرضاعة: عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث ، وجدامة بنت الحارث ، وهي: الشيماء ، غلب ذلك على اسمها ، فلا تعرف إلا به ، ويزعمون أن الشيماء كانت تحضنه مع أمها ، إذ كان عندهم ، وأن الشيماء سبيت يوم حنين فقالت:

اعلموا أني أخت نبيكم . فلما أتي بها عرفها ، فأعتقها . وكانت حليمة من بني سعد بن بكر .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: [حدثنا محمد بن سعد قال:] حدثنا محمد بن عمر بن واقد قال: حدثني موسى بن أبي شيبة ، عن عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك ، عن برة بنت تجراة قالت : [ ص: 260 ]

أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثويبة بلبن ابن لها ، يقال له: مسروح ، أياما قبل أن تقدم حليمة ، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب [رضي الله عنه] ، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي .

وقد ذكرنا أن عبد المطلب تزوج هالة وزوج ابنه عبد الله: آمنة في مجلس واحد فولد حمزة ، ثم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابنها مسروح أياما ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرضت عليه ابنة حمزة ليتزوجها: "إنها لا تحل لي ، إنها ابنة أخي ، أرضعتني وإياه ثويبة" . وأعتق أبو لهب ثويبة وكانت ثويبة تدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوج خديجة فيكرمها النبي صلى الله عليه وسلم وتكرمها خديجة ، وهي يومئذ أمة ، ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليها بعد الهجرة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر .

قال مؤلفه : ولا نعلم أنها [قد] أسلمت ، بل قد قال أبو نعيم الأصفهاني حكى بعض العلماء أنه قد اختلف في إسلامها .

أخبرنا علي بن عبد الله الذغواني قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي بن المأمون قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حبابة قال: أخبرنا يحيى بن صاعد قال: أخبرنا الحسن بن أبي الربيع قال: حدثنا وهب بن حزم قال: حدثنا أبي ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة قال :

كانت ثويبة لأبي لهب فأعتقها ، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم فقال: ماذا لقيت يا أبا لهب؟ فقال: ما رأيت بعدكم روحا غير أني سقيت [ ص: 261 ] في هذه مني بعتقي ثويبة . وأشار إلى ما بين الإبهام والسبابة

التالي السابق


الخدمات العلمية