الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك في قول الله تعالى : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم } ، فقال مالك : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قليب بدر من المشركين : قد وجدنا ما [ ص: 384 ] وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ قالوا : يا رسول الله ; إنهم أموات ، أفيسمعون ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم ليسمعون ما أقول قال قتادة : أحياهم الله له } .

                                                                                                                                                                                                              وهذه مسألة بديعة بيناها في كتاب المشكلين ، وحققنا أن الموت ليس بعدم محض ، ولا فناء صرف ، وإنما هو تبدل حال ، وانتقال من دار إلى دار ، والروح إن كان جسما فينفصل بذاته عن الجسد ، وإن كان عرضا فلا بد من جزء من الجسد يقوم به يفارق الجسد معه ، ولعله عجب الذنب الذي ورد في الحديث الصحيح : { إن كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ، منه خلق ، وفيه يركب } . والروح هي السامعة الواعية العالمة القابلة ، إلا أن الباري لا يخلق الإدراك إلا كما يشاء ، فلا يخلق إدراك الآخرة لأهل الدنيا ، ولا يخلق إدراك الدنيا لأهل الآخرة ، فإذا أراد سبحانه أسمع أهل الآخرة حال أهل الدنيا .

                                                                                                                                                                                                              وقد ورد في الحديث : { أن الميت إذا انصرف عنه أهله ، وإنه ليسمع خفق نعالهم ، إذ أتاه ملكان } الحديث .

                                                                                                                                                                                                              وقد ثبت أن { النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في أهل بدر : أتكلم قوما قد جيفوا ؟ فقال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، غير أنه لم يؤذن لهم في الجواب }

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية