الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الحادية عشرة قوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان : [ ص: 329 ] المسألة الأولى : للعلماء فيها ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : ادفع بالإغضاء والصفح إساءة المسيء .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : ادفع المنكر بالموعظة الحسنة .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : ادفع سيئتك بالحسنة بعدها . المسألة الثانية :

                                                                                                                                                                                                              معنى هذه الآية قريب من معنى : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } ، إلا أن هذه خاصة في العفو ، والتي شرحنا الكلام فيها هاهنا عامة فيه وفي غيره حسبما سطرناه آنفا ، وهي مخصوصة في الكفار بالانتقام منهم ، باقية في المؤمنين على عمومها ، فأما قولهم : ادفع سيئتك بالحسنة بعدها فيشير إلى الغفلة وحسنتها الذكر ، كما قال في حديث الأغر المزني : أنه قال صلى الله عليه وسلم : إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة .

                                                                                                                                                                                                              وفي كتاب مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم { إني لأتوب إلى الله في اليوم مائة مرة } وقالت الصوفية : إنه يدخل فيه ادفع حظ الدنيا إذا زحم حظ الآخرة بحظ الآخرة وحدها .

                                                                                                                                                                                                              قال لي شيحنا أبو بكر الفهري : متى اجتمع لك أمران أحدهما للدنيا والآخر لله فقدم ما لله فإنهما يحصلان لك جميعا . وإن قدمت الدنيا ربما فاتا معا ، وربما حصل حظ الدنيا ولم يبارك لك فيه . [ ص: 330 ]

                                                                                                                                                                                                              ولقد جربته فوجدته ، ويدخل فيه دفع الجفاء ، لا جرم ، كذلك قال : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون .

                                                                                                                                                                                                              وفقه الآية : اسلك مسلك الكرام ، ولا تلحظ جانب المكافأة ، ادفع بغير عوض ، ولا تسلك مسلك المبايعة ، ويدخل فيه : سلم على من لم يسلم عليك ، وتكثر الأمثلة ، والقصد مفهوم ، فاسلكوه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية