الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 65 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( 88 ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( 89 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : من بيده خزائن كل شيء؟

كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله ( ملكوت كل شيء ) قال : خزائن كل شيء .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن مجاهد ، في قول الله : ( قل من بيده ملكوت كل شيء ) قال : خزائن كل شيء .

وقوله ( وهو يجير ) من أراد ممن قصده بسوء ، ( ولا يجار عليه ) يقول : ولا أحد يمتنع ممن أراده هو بسوء ، فيدفع عنه عذابه وعقابه ( إن كنتم تعلمون ) من ذلك صفته ، فإنهم يقولون : إن ملكوت كل شيء والقدرة على الأشياء كلها لله ، فقل لهم يا محمد : ( فأنى تسحرون ) يقولون : فمن أي وجه تصرفون عن التصديق بآيات الله ، والإقرار بأخباره وأخبار رسوله ، والإيمان بأن الله القادر على كل ما يشاء ، وعلى بعثكم أحياء بعد مماتكم ، مع علمكم بما تقولون من عظيم سلطانه وقدرته؟!

وكان ابن عباس فيما ذكر عنه يقول في معنى قوله ( تسحرون ) ما حدثني به علي ، قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فأنى تسحرون ) يقول : تكذبون .

وقد بينت فيما مضى السحر : أنه تخييل الشيء إلى الناظر أنه على خلاف ما هو به من هيئته ، فذلك معنى قوله : ( فأنى تسحرون ) إنما معناه : فمن أي وجه يخيل إليكم الكذب حقا : والفاسد صحيحا ، فتصرفون عن الإقرار بالحق الذي يدعوكم إليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية