الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6112 حدثني إبراهيم بن حمزة حدثني ابن أبي حازم عن يزيد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي عن أبي هريرة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9683 الحديث الرابع أورده من طريقين

                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدثنا ) كذا لأبي ذر ولغيره " حدثني " بالإفراد في الموضعين

                                                                                                                                                                                                        قوله : ابن أبي حازم هو عبد العزيز بن دينار ، ووقع عند أبي نعيم في " المستخرج " من طريق إسماعيل القاضي عن إبراهيم بن حمزة شيخ البخاري فيه " أن عبد العزيز بن أبي حازم وعبد العزيز بن محمد الدراوردي حدثاه عن يزيد " فيحتمل أن يكون إبراهيم لما حدث به البخاري اقتصر على ابن أبي حازم ويحتمل أن يكون حدث عنهما فحذف البخاري ذكر عبد العزيز الدراوردي وعلى الأول لا إشكال وعلى الثاني يتوقف الجواز على أن اللفظ للاثنين سواء وأن المذكور ليس هو لفظ المحذوف أو أن المعنى عليهما متحد تفريعا على جواز الرواية بالمعنى ويؤيد الاحتمال الأول أن البخاري أخرج بهذا الإسناد بعينه إلى محمد بن إبراهيم حديثا جمع فيه بين ابن أبي [ ص: 317 ] حازم والدراوردي وهو في " باب فضل الصلاة " في أوائل كتاب الصلاة

                                                                                                                                                                                                        قوله عن يزيد هو ابن عبد الله المعروف بابن الهاد ووقع منسوبا في رواية إسماعيل المذكورة ومحمد بن إبراهيم هو التيمي ورجال هذا الإسناد كلهم مدنيون وفيه ثلاثة من التابعين في نسق وعيسى بن طلحة هو ابن عبيد الله التيمي وثبت كذلك في رواية أبي ذر وطلحة هو أحد العشرة

                                                                                                                                                                                                        قوله إن العبد ليتكلم كذا للأكثر ولأبي ذر " يتكلم " بحذف اللام

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بالكلمة ) أي الكلام المشتمل على ما يفهم الخير أو الشر سواء طال أم قصر كما يقال كلمة الشهادة وكما يقال للقصيدة كلمة فلان

                                                                                                                                                                                                        قوله ما يتبين فيها أي لا يتطلب معناها أي لا يثبتها بفكره ولا يتأملها حتى يتثبت فيها فلا يقولها إلا إن ظهرت المصلحة في القول وقال بعض الشراح المعنى أنه لا يبينها بعبارة واضحة وهذا يلزم منه أن يكون بين وتبين بمعنى واحد ووقع في رواية الدراوردي عن يزيد بن الهاد عند مسلم " ما يتبين ما فيها " وهذه أوضح و " ما " الأولى نافية و " ما " الثانية موصولة أو موصوفة ووقع في رواية الكشميهني " ما يتقي بها " ومعناها يئول لما تقدم

                                                                                                                                                                                                        قوله يزل بها بفتح أوله وكسر الزاي بعدها لام أي يسقط

                                                                                                                                                                                                        قوله أبعد ما بين المشرق كذا في جميع النسخ التي وقعت لنا في البخاري وكذا في رواية إسماعيل القاضي عن إبراهيم بن حمزة شيخ البخاري فيه عند أبي نعيم وأخرجه مسلم والإسماعيلي من رواية بكر بن مضر عن يزيد بن الهاد بلفظ " أبعد ما بين المشرق والمغرب " وكذا وقع عند ابن بطال وشرحه الكرماني على ما وقع عند البخاري فقال قوله " ما بين المشرق " لفظ بين يقتضي دخوله على المتعدد والمشرق متعدد معنى إذ مشرق الصيف غير مشرق الشتاء وبينهما بعد كبير ويحتمل أن يكون اكتفى بأحد المتقابلين عن الآخر مثل سرابيل تقيكم الحر قال وقد ثبت في بعضها بلفظ " بين المشرق والمغرب " قال ابن عبد البر : الكلمة التي يهوي صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند السلطان الجائر وزاد ابن بطال : بالبغي أو بالسعي على المسلم فتكون سببا لهلاكه وإن لم يرد القائل ذلك لكنها ربما أدت إلى ذلك فيكتب على القائل إثمها والكلمة التي ترفع بها الدرجات ويكتب بها الرضوان هي التي يدفع بها عن المسلم مظلمة أو يفرج بها عنه كربة أو ينصر بها مظلوما وقال غيره في الأولى هي الكلمة عند ذي السلطان يرضيه بها فيما يسخط الله قال ابن التين : هذا هو الغالب وربما كانت عند غير ذي السلطان ممن يتأتى منه ذلك .

                                                                                                                                                                                                        ونقل عن ابن وهب أن المراد بها التلفظ بالسوء والفحش ما لم يرد بذلك الجحد لأمر الله في الدين وقال القاضي عياض : يحتمل أن تكون تلك الكلمة من الخنى والرفث وأن تكون في التعريض بالمسلم بكبيرة أو بمجون أو استخفاف بحق النبوة والشريعة وإن لم يعتقد ذلك وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : هي الكلمة التي لا يعرف القائل حسنها من قبحها قال فيحرم على الإنسان أن يتكلم بما لا يعرف حسنه من قبحه . قلت وهذا الذي يجري على قاعدة مقدمة الواجب .

                                                                                                                                                                                                        وقال النووي : في هذا الحديث حث على حفظ اللسان فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق فإن ظهرت فيه مصلحة تكلم وإلا أمسك قلت وهو صريح الحديث الثاني والثالث

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 318 ] ( تنبيه ) : وقع في رواية أبي ذر تأخير طريق عيسى بن طلحة عن الطريق الأخرى ولغيره بالعكس وسقط طريق عيسى بن طلحة عند النسفي أصلا والله أعلم




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية