الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1154 حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة قال قالت عائشة خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة طويلة ثم ركع فأطال ثم رفع رأسه ثم استفتح بسورة أخرى ثم ركع حتى قضاها وسجد ثم فعل ذلك في الثانية ثم قال إنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يفرج عنكم لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته حتى لقد رأيت أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني تأخرت ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرنا عبد الله ) هو ابن المبارك ، ويونس هو ابن يزيد ، وقد تقدم ما يتعلق بالكسوف من هذا الحديث من طريق عقيل وغيره عن الزهري مستوفى . وقوله " فلما قضى " ؛ أي فرغ ، ولم يرد القضاء الذي هو ضد الأداء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته ) . في رواية ابن وهب ، عن يونس عند مسلم : " وعدتم " . وله في حديث جابر " عرض علي كل شيء تولجونه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لقد رأيت ) كذا للأكثر وللحموي ، والمستملي " لقد رأيته " ولمسلم : " حتى لقد رأيتني " وهو أوجه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أريد أن آخذ قطفا ) في حديث جابر : " حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي عنه " . والقطف بكسر أوله . وذكر ابن الأثير أن كثيرا يروونه بالفتح ، والكسر هو الصواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قطفا من الجنة ) يعني : عنقود عنب كما تقدم في الكسوف من حديث ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حين رأيتموني جعلت أتقدم ) قال الكرماني : قال في جهنم حين رأيتموني تأخرت ، لأن التقدم كاد أن يقع بخلاف التأخر ، فإنه قد وقع ، كذا قال . وقد وقع التصريح بوقوع التقدم والتأخر جميعا في حديث جابر عند مسلم ، ولفظه : " لقد جيء بالنار ، وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها " . وفيه : " ثم جيء بالجنة ، وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي " . وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في أبواب الكسوف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ورأيت فيها عمرو بن لحي ) باللام والمهملة مصغرا ، وسيأتي شرح حاله في أخبار الجاهلية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وهو الذي سيب السوائب ) جمع سائبة ، وسيأتي الكلام عليها في تفسير سورة المائدة ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        وفي هذا الحديث أن المشي القليل لا يبطل الصلاة ، وكذا العمل اليسير ، وأن النار [ ص: 101 ] والجنة مخلوقتان موجودتان ، وغير ذلك من فوائده التي تقدمت مستقصاة في صلاة الكسوف .

                                                                                                                                                                                                        ووجه تعلق الحديث بالترجمة ظاهر من جهة جواز التقدم والتأخر اليسير ، لأن الذي تنفلت دابته يحتاج في حال إمساكها إلى التقدم أو التأخر كما وقع لأبي برزة ، وقد أشرت إلى ذلك في آخر حديثه . وأغرب الكرماني ، فقال : وجه تعلقه بها أن فيه مذمة تسييب الدواب مطلقا سواء كان في الصلاة أم لا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية