الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2033 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد ، ولا تناجشوا . . . إلخ ) عطف صيغة النهي على معناها ، فتقدير قوله : " نهى أن يبيع حاضر لباد " أي : قال : لا يبيع حاضر لباد فعطف عليه " ولا تناجشوا " وسيأتي الكلام على بيع الحاضر للبادي بعد في باب مفرد ، وكذا على النجش في الباب الذي يليه . وقوله هنا : " ولا تناجشوا " ذكره بصيغة التفاعل ؛ لأن التاجر إذا فعل لصاحبه ذلك كان بصدد أن يفعل له مثله ، ويأتي الكلام على الخطبة في كتاب النكاح ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قال العلماء : البيع على البيع حرام ، وكذلك الشراء على الشراء ، وهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار : افسخ لأبيعك بأنقص ، [ ص: 415 ] أو يقول للبائع : افسخ لأشتري منك بأزيد ، وهو مجمع عليه . وأما السوم فصورته أن يأخذ شيئا ليشتريه فيقول له رده لأبيعك خيرا منه بثمنه أو مثله بأرخص ، أو يقول للمالك استرده لأشتريه منك بأكثر ، ومحله بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر ، فإن كان ذلك صريحا فلا خلاف في التحريم ، وإن كان ظاهرا ففيه وجهان للشافعية ، ونقل ابن حزم اشتراط الركون عن مالك وقال : إن لفظ الحديث لا يدل عليه ، وتعقب بأنه لا بد من أمر مبين لموضع التحريم في السوم ؛ لأن السوم في السلعة التي تباع فيمن يزيد لا يحرم اتفاقا كما نقله ابن عبد البر . فتعين أن السوم المحرم ما وقع فيه قدر زائد على ذلك ، وقد استثنى بعض الشافعية من تحريم البيع والسوم على الآخر ما إذا لم يكن المشتري مغبونا غبنا فاحشا ، وبه قال ابن حزم واحتج بحديث " الدين النصيحة " ، لكن لم تنحصر النصيحة في البيع والسوم فله أن يعرفه أن قيمتها كذا وأنك إن بعتها بكذا مغبون من غير أن يزيد فيها ، فيجمع بذلك بين المصلحتين . وذهب الجمهور إلى صحة البيع المذكور مع تأثيم فاعله ، وعند المالكية والحنابلة في فساده روايتان ، وبه جزم أهل الظاهر ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية