الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3016 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لكل غادر لواء ينصب بغدرته يوم القيامة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ينصب يوم القيامة بغدرته ) أي بقدر غدرته كما في رواية مسلم ، قال القرطبي هذا خطاب منه للعرب بنحر ما كانت تفعل ، لأنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء ، وللغدر راية سوداء ، ليلوموا الغادر ويذموه ، فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر ليشتهر بصفته في القيامة فيذمه أهل الموقف ، وأما الوفاء فلم يرد فيه شيء ولا يبعد أن يقع كذلك ، وقد ثبت لواء الحمد لنبينا صلى الله عليه وسلم . وقد تقدم تفسير الغدر قريبا والكلام على اللواء وما الفرق بينه وبين الراية في باب مفرد في كتاب الجهاد . وفي الحديث غلظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير ، ولأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء ، وقال عياض : المشهور أن هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهوده لرعيته أو لمقاتلته أو للإمامة التي تقلدها والتزم القيام بها ، فمتى خان فيها أو ترك الرفق فقد غدر بعهده . وقيل المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا تخرج عليه ولا تتعرض لمعصيته لما يترتب على ذلك من الفتنة . قال : والصحيح الأول . قلت : ولا أدري ما المانع من حمل الخبر على أعم من ذلك ، وسيأتي مزيد بيان لذلك في كتاب الفتن حيث أورده المصنف فيه أتم مما هنا وأن الذي فهمه ابن عمرو راوي الحديث هو هذا والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        وفيه أن الناس يدعون يوم القيامة بآبائهم لقوله فيه " هذه غدرة فلان ابن فلان " وهي رواية ابن عمر الآتية في الفتن ، قال ابن دقيق العيد : وإن ثبت أنهم يدعون بأمهاتهم فقد يخص هذا من العموم . وتمسك به قوم في ترك الجهاد مع ولاة الجور الذين يغدرون كما حكاه الباجي .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية