الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                139 حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري وأبو عاصم الحنفي واللفظ لقتيبة قالوا حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه قال جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمي يا رسول الله إن هذا قد غلبني على أرض لي كانت لأبي فقال الكندي هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمي ألك بينة قال لا قال فلك يمينه قال يا رسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه وليس يتورع من شيء فقال ليس لك منه إلا ذلك فانطلق ليحلف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أدبر أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وفي الرواية الأخرى : جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي : يا رسول الله إن هذا غلبني على أرض لي كانت لأبي فقال الكندي هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي : ألك بينة ؟ قال : لا . قال : فلك يمينه . قال : يا رسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه وليس يتورع من شيء . فقال : ليس لك منه إلا ذلك . فانطلق ليحلف فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أدبر : أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله تعالى وهو عنه معرض

                                                                                                                أما أسماء الباب ولغاته ففيه ( مولى الحرقة ) بضم الحاء وفتح الراء وهي بطن من جهينة تقدم بيانه مرات .

                                                                                                                وفيه ( معبد بن كعب السلمي ) بفتح السين واللام منسوب إلى بني سلمة بكسر اللام من الأنصار وفي النسب بفتح اللام على المشهور عند أهل العربية وغيرهم وقيل : يجوز كسر اللام في النسب أيضا .

                                                                                                                وفيه عبد الله بن كعب عن أبي أمامة الحارثي ، وفي الرواية الأخرى ( سمعت عبد الله بن كعب [ ص: 321 ] يحدث أن أبا أمامة الحارثي حدثه ) اعلم أن أبا أمامة هذا ليس هو أبا أمامة الباهلي صدي بن عجلان المشهور بل هذا غيره واسم هذا إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي من بني الحارث ابن الخزرج . وقيل : إنه بلوي وهو حليف بني حارثة وهو ابن أخت أبي بردة بن نيار هذا هو المشهور في اسمه . وقال أبو حاتم الرازي : اسمه عبد الله بن ثعلبة ، ويقال ثعلبة بن عبد الله .

                                                                                                                ثم اعلم أن هنا دقيقة لا بد من التنبيه عليها وهي أن الذين صنفوا في أسماء الصحابة - رضي الله عنهم - ذكر كثير منهم أن أبا أمامة هذا الحارثي - رضي الله عنه - توفي عند انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحد ، فصلى عليه . ومقتضى هذا التاريخ أن يكون هذا الحديث الذي رواه مسلم منقطعا فإن عبد الله بن كعب تابعي فكيف يسمع من توفي عام أحد في السنة الثالثة من الهجرة ؟ ولكن هذا النقل في وفاة أبي أمامة ليس بصحيح ، فإنه صح عن عبد الله بن كعب أنه قال : حدثني أبو أمامة كما ذكره مسلم في الرواية الثانية ، فهذا تصريح بسماع عبد الله بن كعب التابعي منه ، فبطل ما قيل في وفاته . ولو كان ما قيل في وفاته صحيحا لم يخرج مسلم حديثه ، ولقد أحسن الإمام أبو البركات الجزري المعروف بابن الأثير حيث أنكر في كتابه معرفة الصحابة - رضي الله عنهم - هذا القول في وفاته . والله أعلم .

                                                                                                                وفيه ( وإن قضيب من أراك ) هكذا هو في بعض الأصول أو أكثرها وفي كثير منها ( وإن قضيبا ) على أنه خبر كان المحذوفة ، أو أنه مفعول لفعل محذوف تقديره وإن اقتطع قضيبا .

                                                                                                                وفيه : ( من حلف على يمين صبر ) هو بإضافة يمين إلى صبر . ويمين الصبر هي التي يحبس الحالف نفسه عليها ، وقد تقدم بيانها في باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه .

                                                                                                                وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم - : من حلف على يمين صبر هو فيها فاجر أي متعمد الكذب وتسمى هذه اليمين الغموس .

                                                                                                                وفيه قوله : ( إذن يحلف ) يجوز بنصب الفاء ورفعها وذكر الإمام أبو الحسن بن خروف في شرح الجمل أن الرواية فيه برفع الفاء .

                                                                                                                وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم - : شاهداك أو يمينه معناه لك ما يشهد به شاهداك أو يمينه .

                                                                                                                فيه ( حضرموت ) بفتح الحاء المهملة وإسكان الضاد المعجمة وفتح الراء والميم .




                                                                                                                الخدمات العلمية